للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بالمقياس، فانشرح السلطان في ذلك اليوم إلى الغاية وابتهج، ثم صلى العصر وعدى وطلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود.

*****

وفي صفر تزايد أمر الطاعون بالديار المصرية وحصل للناس غاية الرعب، فهرب قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة أولاده من أمر الطاعون فأخرجهم إلى نحو جبل الطور، وله بذلك عادة بأنه يهرب أولاده الصغار إلى جبل الطور في أيام الفصول ويسلمون من الطاعون ويجيئون بعد مضي الفصل وهم سالمون، لا يفقد منهم أحد حتى ولا من عياله، ويقال: إن تلك الجهات لا يدخلها الطاعون.

ثم أن القاضي عبد البر حسن للسلطان عبارة بأن يرسل ولده إلى هناك فلم يوافق على ذلك.

ثم أن الأمير قاني باي أمير آخور كبير لما رأى قاضي القضاة عبد البر أرسل أولاده إلى الطور، فقامت زوجته بنت الأمير يشبك الدوادار إلى أمير آخور وقالت له: أرسل ولدي صحبة أولاد القاضي، فعمل لها سنيح وخرجت في محفة وابنها صحبتها، ثم عمل مثل ذلك الأمير جان بردي الذي كان باش المجاورين فأرسل ولده صحبة ابن أمير آخور.

ثم إإن الأمير نوروز تاجر المماليك أرسل ولده وسراريه صحبة ابن أمير آخور، ثم أن أنص باي حاجب الحجاب أرسل جماعة من مماليكه إلى هناك، وكذلك الأمير تمر الزردكاش أحد المقدمين، وتبعهم جماعة من أعيان الناس على ذلك وأرسلوا أولادهم إلى الطور خوفا عليهم من الطعن، وهذا شيء لم تفعله الأمراء قط سوى في هذا الفصل من عظم ما وقع في قلوب الناس من الرعب من هذا الطاعون، ومع أنه كان خفيفا جدا بالنسبة إلى الطواعين المتقدمة.

وفي هذا الشهر أمر السلطان بهدم القبة التي أنشأها بمدرسته التي في الشرابشيين وكانت قد تشققت وآلت إلى السقوط، فهدموها عن آخرها ثم أعادوها ثانية.

وفي يوم الأربعاء سابعه كانت وفاة قاضي القضاة الحنبلي، وهو شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد الشيشيني الحنبلي، وكان علامة في مذهبه من أهل العلم والفضل، ومولده سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وكان قد شاخ وكبر سنه وناف عن السبعين سنة من العمر، ومات بالطاعون، وصلي عليه في الجامع الأزهر، وكانت جنازته حافلة.

وفي يوم الخميس توفي الأمير تغري برمش السيفي كسباي الششماني المؤيدي المعروف بالرماح، وكان تغري برمش رئيسا حشما تولى الوزارة غير ما مرة وأقام بها

<<  <  ج: ص:  >  >>