للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان يوم الجمعة عدى السلطان من هناك ونزل بالمقياس فأقام به إلى يوم الأحد سلخ الشهر فتوجه إليه هناك أولاد ابن عثمان الذين حضروا كما تقدم القول على ذلك.

*****

فلما كان يوم الاثنين مستهل ذي الحجة، عدى السلطان من المقياس وأتى إلى بر مصر وركب من هناك، ومشت قدامه الرؤوس النوب بالعصى، ومشى قدامه الجم الغفير من الخاصكية بغير شاش ولا قماش، وركب قدامه الأتابكي سودون العجمي والأمير أركماس أمير مجلس والأمير طومان باي الدوادار الكبير وحاجب الحجاب أنص باي، وجماعة من الأمراء المقدمين والأمراء الطبلخانات والأمراء العشراوات وأعيان المباشرين من أرباب الوظائف، وكان قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة مسافرا صحبه السلطان فركب قدامه، فألبس السلطان الأمراء المقدمين كوامل مخمل أحمر بسمور، وهم أمي ر كبير وأمي ر مجلس والدوادار الكبير، وألبس بقية الأمراء المقدمين كوامل صوف بسمور، وكذلك جماعة من الأمراء الطبلخانات من أرباب الوظائف ممن كان مسافرا مع السلطان، وألبس قاضي القضاة الحنفي عبد البر كاملة صوف أبيض بسمور وكان مسافرا معه، وركب قدامه العسكر قاطبة، فشق من الصليبة مع طلوع الشمس وهو في موكب حافل، وعليه كاملية مخمل أحمر بسمور وهو راكب على فرس بسرج ذهب وكنبوش، وقدامه ثلاث طوايل خيل بسروج ذهب وكنابيش، وقدامه حجورة بسروج بداوي وركب مغربي، وكان قدامه أربع نوب هجن فيها نوبتان بأكوار زركش، وكان قدامه الفيلان الكبيران وعليهما البركستوان المخمل الأحمر، وعلى ظهورهما الصناجق الحرير الملون، وكان قدامه طبلان وزمران والنفير البرغشي والطبردارية. قد شاهدت هذا كله بعيني، وركب قدامه أولاد ابن عثمان ملك الروم، وركب قدامه جماعة من أولاد ابن قرمان كانوا بمصر، وركب قدامه جماعة من مشايخ عربان جبل نابلس، وغير ذلك من الأعيان، فاستمر في هذا الموكب الحافل حتى طلع إلى القلعة، وهذه كانت أول سفرات السلطان، وكانت مدة غيبته في هذه السفرة سبعة عشر يوما ذهابا وإيابا.

ووقع له في هذه السفرة أمور غريبة لم يقع للأشرف قايتباي مثلها لما سافر إلى الفيوم، وقد بلغني ممن أثق به أن السلطان فتك في هذه السفر فتكا زائدا وأظهر أنواعا من العظمة، وصار يمد للأمراء بطول الطريق أسمطة حافلة وطواري فاخرة في كل يوم أربع مرار، ما بين حلوى وفاكهة وأجبان مقلى وجلاب وغير ذلك من الأسمطة الحافلة، ولا يمنع من يأكل على السماط من الغلمان وغيرهم. وكان يطوف على العسكر بالسكر

<<  <  ج: ص:  >  >>