للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا رشد إلا بتوفيقه … وإن محض الرأي من يمحض

فمن ذا يدبرنا غيره … ومن يبرم الأمر أو ينقض

وفي يوم الاثنين تاسع عشرينه حضر جماعة من الأمراء الذين كانوا توجهوا إلى نحو بلاد الصعيد بسبب فساد العربان، وكان الذي توجه من الأمراء المقدمين قانصوه بن سلطان جركس والأمير ماماي جوشن، وغير ذلك من الأمراء العشراوات والمماليك السلطانية. فلما طلعوا إلى القلعة خلع السلطان على الأمراء المقدمين ونزلوا إلى دورهم.

*****

وفي ربيع الآخر - في يوم الأحد سادسه - نزل السلطان وتوجه إلى نحو تربة العادل التي بالريدانية، وجلس هناك ونصب له سحابة واجتمع حوله الأمراء على المصطبة وحضر الجم الغفير من العسكر ومن الناس المتفرجين، ثم جربوا قدامه مكاحل كبار وصغار التي كان سبكهم بالميدان، فكان عدتهم سبع وخمسين مكحلة، فلم يخطئ منها سوى واحدة وقيل اثنتان، والذي صح من المكاحل فيها من عدى حجره إلى قريب بركة الحاج، فانشرح السلطان في ذلك اليوم إلى الغاية، وأقام هناك إلى بعد العصر ونصب له خيمة كبيرة وهي الخيمة التي أهداها إليه على دولات وقد تقدم ذكر ذلك، ومد هناك أسمطة حافلة وكان يوما مشهودا.

وفي ذلك اليوم طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل، وجاءت القاعدة ستة أذرع، أنقص من العام الماضي بذراع. ولما عاد السلطان إلى القلعة طلع من بين الترب ولم يشق من القاهرة.

وفي يوم السبت ثاني عشره حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير تمرباي الهندي أحد الأمراء العشراوات، الذي كان قد توجه قاصدا إلى الصفوي شاه إسماعيل ملك العراقيين، وكان مدة غيبته في هذه السفر نحوا من سنتين، وقد قاسى شدائد ومحنا، وماتت خيوله وجماعة من غلمانه ومن الخاصكية الذين كانوا صحبته، ولم ينصفه الصفوي ولا أكرمه، وقيل لم يقابله غير مرة واحدة ولم يكتب له الجواب عن مطالعة السلطان التي أرسلها إليه، وأرسل جوابه صحبة قاصده.

فلما نزل تمرباي إلى خانقة سرياقوس أرسل يعرف السلطان أن قصد الصفوي جاء صحبته وقاصد من عند ملك الكرج، فعين السلطان الزيني بركات بن موسى المحتسب

<<  <  ج: ص:  >  >>