على حرير أصفر فطلعوا إلى القلعة وقابلوا السلطان، ثم نزلوا إلى مكان أعد لهم، وأشاعوا أنه قاصد ملك الفرنج قد جاء يسعى عند السلطان في فتح القيامة التي بالقدس الشريف، وكان السلطان أغلق بابها ومنع الفرنج من الدخول إليها بسبب ما تقدم منهم.
وفي ذلك اليوم أطلق السلطان شيخ العرب بقر بن الأمير أحمد بن بقر وكان له مدة طويلة وهو في البرج بالقعة، فأفرج عنه في ذلك اليوم وكان له نحو من اثني عشرة سنة وهو في البرج بالقلعة مقيد، فشفع فيه أبوه الأمير أحمد بن بقر وضمنه حتى أطلقه السلطن.
وفي يوم الجمعة سابع عشرينه قلع السلطان الصوف ولبس البياض، ووافق ذلك ثامن عشر بشنس قبطي، وقد أبطأ في قلع الصوف هذه السنة بموجب أن الوقت كان رطبا.
ومن الحوادث في أواخر هذا الشهر أن قد سرق من سوق الباسطية ثلاثة دكاكين، وكذلك من الصاغة، فراح على التجار جملة أموال لها صورة ولا يعلم من فعل ذلك ولا نقب لهم حائط، وراحت على من راح.
وفي يوم السبت ثامن عشرينه أرسل الأمير قانصوه بن سلطان جركس الذي توجه إلى الصعيد فبعث ثمانية رؤوس من عرب عزالة منهم شخص يسمى خضر بن كروان وكان من كبار المفسدين، وقيل هو الذي كان سببا في قتل ابن جميل، وقد تقدم ذكر ذلك.
وفي يوم الأحد تاسع عشرينه رسم السلطان بعرض السادة الأشراف، وسبب ذلك أن السلطان قصد أن يخرج عنهم شيئا من الجهات الموقوفة عليهم مثل بركة الحبش وبلقس وغير ذلك من الجهات، وكان القائم في مرافعتهم الشريف بن مصبح دلال الأملاك، فالتزم بأن يوفر للسلطان من هذه الجهات في كل سنة عشرة آلاف دينار، فرسم السلطان بعقد مجلس بالقضاء الأربعة بسبب الأشراف، وقد طعنوا في أنساب جماعة منهم، وهذه من جملة الوقائع الفاحشة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
*****
وفي ربيع الأول طلع القضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، فكان في ذلك اليوم عقد مجلس بين يدي السلطان بسبب بنت يشبك الدوادار زوجة قاني باي قرا أمير آخور كبير وبنت جاني بك حبيب زوجة الأمير دولات باي قرموط.
وفي ذلك اليوم أنفق السلطان الجامكية الخامسة التي جددها لأجل المماليك التراكمة وأولاد الناس الذين نزلهم، فقيل له أنه عوق جوامك جماعة منهم وقطعها.