للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أحضروا بين يدي السلطان شخصا من الشحاتين الجعيدية، وجدوا معه مائة وسبعين دينارا، وهي ضرب الأشرف برسباي، فقال له السلطان: "من أين لك هذا الذهب؟ " فقال: "ورثتها من أمي". فأخذ السلطان منه ذلك الذهب وسلمه إلى محمد مهتار الطشتخاناه، ورسم بأن يشتري للشحات من ذهبه جوخة وقميصا وعمامة، وأن يصرف له في كل يوم نصفين فضة يأكل بها حتى تفرغ فلوسه، فلم يرض الشحات بذلك، وصار يقول: "عيدوا لي ذهبي ومالي حاجة بكسوتكم". واستمر الذهب تحت يد محمد المهتار.

*****

وفي ذي الحجة - في يوم الاثنين خامسه - فرق السلطان الأضحية على العسكر، وقطع لجماعة كثيرة من الفقهاء والأيتام، وضيقوا كتاب المماليك على الناس في هذه السنة في تفرقة الوصولات إلى الغاية، وراحت الأضيحة في هذه السنة على كثير من الناس.

وفي يوم الخميس (١) خامس عشرة ركب القاضي كاتب السر محمود بن أجا وطلع إلى القلعة، وكان له مدة خمسة أشهر لم يركب وهو منقطع في داره فركب في ذلك اليوم، وخلع عليه السلطان كاملية مخمل أحمر بسمور، ونزل على داره وهو في غاية العظمة، وقد قلت في ذلك:

سيدي أنت معدن التشريف … بدر تم منزه عن خسوف

فابق واسلم ودم وعش في شفاء … لألوف من كل عصر ألوف

وفي هذا الشهر نادى السلطان علي الفلوس الجدد والعتق بأن الرطل منهم بثماني عشرة نقرة، وضرب فلوسا معاددة تخسر فيهم السوقة الثلث، وهم في غاية الخفة، فصارت البضائع تباع بسعرين: سعر بالفلوس الجدد، وسعر بالفلوس العتق.

وفي يوم الخميس (١) خامس عشره المذكور أعلاه توفي الشيخ علاء الدين الملة على العجمي الشافعي شيخ تربة جاني بك نائب جدة، وكان من أعيان علماء الشافعية، وله شهرة في مصر بين العلماء، وكان لا بأس به.

وفي يوم السبت (١) سابع عشرة رضي السلطان على أبي البقا ناظر الإسطبل، وخلع عليه واستمر على وظيفته كما كان بعد أن قاسى شدائد ومحنا، وقد تقدم ذكر ذلك.


(١) - كان في الأصل الثلاثاء خامس عشرة، وصحتها الخميس وكان في الأصل الخميس سابع عشرة، وصحتها السبت كما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>