فلما مضى شهر رمضان، ودخل شوال حضر الشريف بركات أمير مكة، وحضر أخوه الشريف قايتباي، وحضر معهما من العربان نحو من ألف إنسان … فركب الأمير خاير بك باش العسكر، ووزع تلك العربان، وأكمنهم في مواضع متفرقة، فلما وصل العسكر إلى مكان يسمى السويق، بالقرب من الينبع، أتى إليهم ابن سبع، وقد التف عليه مالك بن الرومي. أمير خليص، وأمير المدينة، وحميضة أخو الجازاني، فاتقعوا هناك وقعة مهولة، فقتل بها من العربان ما لا يحصى، ومن الأتراك أيضا، فلم تكن إلا ساعة يسيرة وقد انكسر يحيى بن سبع ومن كان صحبته من العربان. فلما انهزموا خرج عليهم الأكمنة التي أكمنها الأمير خاير بك فاحتاطوا بهم ولم ينج منهم إلا القليل، بعد ما قتل منهم نحو من ثمانائة إنسان، وأسر منهم قدر ذلك. وجرح في هذه الواقعة الشريف بركات أمير مكة في وجهه … فلما هرب يحيى بن سبع وقع النهب في نجع العرب فغنم منهم الأتراك أشياء كثيرة، من جمال وأغنام وقماش، مما نهبوه من ركب الحاج الشامي والعراقي كما تقدم. وقد تمت الكسرة على يحيى بن سبع، وأمير المدنية، وحميضة أخي الجازاني، فهربوا ولم يعلم لهم خبر.
فلما صحت هذه الأخبار زينت القاهرة سبعة أيام، واستمرت الكوسات عمالة، وصارت الأمراء تخلع على الهجانة الذين أتوا بهذه البشارة، كوامل وسلاريات، وكانت هذه النصرة على غير القياس. ثم في عقيب ذلك جاءت الأخبار بأن الشريف بركات وأخاه قايتباي، لما رجعوا من الينبع، وأتوا إلى خليص، اتقعوا مع مالك بن الرومي أمير خليص واقعة مهولة، فانكسر ابن الرومي وهرب، فلما هرب غنم منه عربان الشريف بركات أشياء كثيرة، من جمال وأغنام وقماش وسلاح، مما كان نهبه من الحجاج.
وفي هذا الشهر كان دخول الأمير طومان باي قريب السلطان على ابنة الأمير أقبردي الدوادار فكان لها مهم حافل، وزف لها الجهاز الحافل، حتى رجت له القاهرة. فلما كان ليلة الدخول مشى في زفة الأمير طومان باي الأتابكي قرقماس وسائر الأمراء قاطبة، وبأيديهم الموكبيات الشمع الموقدة. وكانت هذه الزفة تعادل زفة الأمير جانم قرابة الأشرف قايتباي لما تزوج بأخت خوند ابنة خاص بك.
وفيه حضر قاصد من عند ابن عثمان ملك الروم، فأكرمه السلطان وأحسن إليه.
وفي أثناء هذه السنة توفي الشيخ بدر الدين محمد المارديني، وكان من أهل العلم والفضل، وكانت له يد طائلة في علم الميقات، وغير ذلك من العلوم.
وفي هذه السنة توفي أيضا خشكلدي المعروف بنصف وجه، وكان أحد الحجاب بالديار المصرية، وكان مفردا في فئته، بعثوا عليه الناس حتى السلطان وكان قد كبر وشاخ.