والمؤنَّن: قول الرَّاوي: حدَّثنا فلانٌ أنَّ فلانًا قال، وهو كـ «عن» في اللِّقاء والمجالسة والسَّماع، مع السَّلامة من التَّدليس.
الثانية: قال في «التقريب»: وكَثُرَ في هذه الأعصار استعمال (عن) في الإجازة، فإذا قال أحدهم مثلًا: قرأت على فلان عن فلان، فَمُرَادهُ أنَّه رواه عنه بالإجازة. انتهى.
قال في «التدريب»: وذلك لا يخرجه عن الاتصال. انتهى.
قوله:(قَوْلُ الرَّاوِي … ) إلى آخره؛ أي: كقول مالك مثلًا: حدَّثنا الزهري أنَّ ابن المسيب حدَّثه بكذا، ومثل ذلك ما لو قال الزُّهري: قال ابن المسيب كذا أو فعل كذا أو كان ابن المسيب يفعل كذا ونحوه.
قوله:(وَهُوَ كَـ «عَنْ» … ) إلى آخره؛ أي: إنَّ لفظَ (أن) المُستفاد من المؤنن كَـ «عَنْ» في إفادة الاتصال أو المعنى، وهو؛ -أي: المؤنن- كـ «عَنْ»؛ -أي: كالمروي بعن- فيما ذُكر.
فالرواية بـ (عن) و (أنَّ) سواء، ولا اعتبار بالحروف والألفاظ، بل باللقاء والمجالسة والسماع مع السلامة من التدليس، وهذا مذهب مالك والجمهور، فالمؤنن عندهم متصل كالمعنعن، وقال البَرْدَعِيُّ: المروي بلفظ أن محمول على الانقطاع حتى يتبينَ وصلُ سندهِ بالسماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى، وهو مذهب الإمام أحمد، قال ابن عبد البر: ولا معنى لهذا؛ لإجماعهم على أنَّ الإسناد هو المتصل بالصحابي سواءٌ قيل فيه (قال) أو (سمعت) أو (أنَّ) أو (عن). انتهى.
قوله:(فِيْ اللِّقَاءِ)؛ أي: في اشتراطه.
وقوله:(والمجالسة)؛ أي: عند مَن شرطها، وهو خلافُ المعتمد الذي مشى هو عليه، قال العراقي: والقاعدة أنَّ الراوي إذا روى حديثًا في قصةٍ أو واقعة فإن كان أدرك ما رواه بأن حكى قصة وقعت بين النَّبيِّ ﷺ وبين بعض الصحابة، والرَّاوي لذلك صحابي أدرك تلك الواقعة، فإنَّه يُحكم لروايته بالاتصال وإنْ لم يُعلم أنَّه شاهدها، سواء روى بـ (قال) أو (عن) أو (أنَّ) أو (فعل) أو نحوها، ومن لم يُدرك تلك الواقعة فهو مرسل صحابي، وإن كان الراوي تابعيًا فهو منقطع، وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها فمتصلٌ، وكذا إن لم يدرك لكن أسندها لمن رواها عنه سواء روى بعن أو غيرها، قال: وهذا متفق عليه بين أهل التمييز من أهل الحديث. انتهى.