للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِلّةُ وهي الإسلام والتوحيد الذي خلق اللَّه عليه المؤمنين، والمراد بالناس هاهنا: المؤمنون الذين فطرهم اللَّه على الإسلام؛ لأن المشرك لم يُفْطَرْ على الإسلام، ولفظ الناس عامٌّ والمراد منه الخصوص.

نصب {فِطْرَتَ اللَّهِ} على الإغراء، وهو قول الزَّجّاج، قال (١): {فِطْرَتَ اللَّهِ} منصوب بمعنى: اتبع فطرة اللَّه، {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} يعني: لِدِينِ اللَّهِ؛ أي: لا يصلح ذلك ولا ينبغي، ظاهِرُهُ نَفْيٌ ومعناه نَهْيٌ؛ أي: لا تُبَدِّلُوا دينَ اللَّه الذي هو التوحيد بالشرك والكفر {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} يعني: التوحيدُ هو الدين المستقيم {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} يعني: كفار مكة لا يعلمون توحيد اللَّه.

قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}؛ أي: راجعين إلى اللَّه بالتوبة مقبلين إليه بالطاعة، وهو منصوب على الحال والقطع (٢)، وقيل (٣): على الإغراءِ بإضمار: كونوا منيبين إليه، والمعنى: فأقم وجهك يا محمد أنت وأُمتك منيبين إليه راجعين إلى كلِّ ما أمر اللَّه به، مع التقوى وأداء الفرائض، وهو قوله تعالى: {وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ. . . (٣١)} الآية.


(١) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٨٤، وذهب الفرَّاء إلى أنه منصوب على المفعول المطلق، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٢٤، وينظر أيضًا: مجاز القرآن ٢/ ١٢، إعراب القرآن ٣/ ٢٧١، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٧٨.
(٢) قاله أكثر العلماء، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٢٥، معاني القرآن للأخفش ص ٤٣٨، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٨٥، إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٣٣، إعراب القرآن ٣/ ٢٧٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٧٨.
(٣) قوله: "على الإغراء بإضمار كونوا. . . إلخ" معناه أن {مُنِيبِينَ} منصوب على خبر "كان" مضمرة لا على الإغراء كما ذكر أولًا، ينظر: البحر المحيط ٧/ ١٦٧، الدر المصون ٥/ ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>