للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "المسند" والترمذي (١) عنه: "ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدُكم إصبعَه في اليَمِّ، فلينظر بم يرجع؟ ".

ومرَّ مع أصحابه (٢) بسَخْلة منبوذة فقال: "أترون هذه هانت على أهلها، فوالذي نفسي بيده، لَلدُّنيا (٣) أهونُ على الله من هذه على أهلها" (٤).

وقال: "إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قومٍ سلكوا مفازةً غبراءَ، لا يدرُون ما قطعوا منها أكثرُ أو ما بقي منها. فحسَرت (٥) ظهورُهم، ونفِد زادهم، وسقطوا بين ظهرَي المفازة، فأيقنوا بالهلكة. فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجلٌ في حُلّةٍ يقطرُ رأسه، فقالوا: إن هذا لحديثُ عهدٍ بريف، فانتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء، ما شأنكم؟ فقالوا: ما ترى كيف حسَرت ظهورنا، ونفِدت أزوادنا بين ظهرَي هذه المفازة، لا ندري ما قطعنا منها أكثرُ أم ما بقي؟ فقال: ما تجعلون لي إن أوردتُكم ماءً رَواءً (٦) ورياضًا خُضْرًا؟ قالوا: حكمَك. قال: تعطوني عهودكم ومواثيقكم أن لا تعصُوني، ففعلوا،


(١) "المسند" (١٨٠٠٨، ١٨٠٠٩، ١٨٠١٢، ١٨٠١٤) و"جامع الترمذي" (٢٣٢٣). وأخرجه مسلم (٢٨٥٨). وانظر: "أمثال الرمهرمزي" (ص ٨٣).
(٢) في النسخ المطبوعة: "الصحابة".
(٣) في النسخ: "الدنيا"، تصحيف.
(٤) رواه أحمد (١٨٠١٣، ١٨٠٢٠، ١٨٠٢١)، والترمذي (٢٣٢١) ــ وقال: "حديث حسن" ــ، وابن ماجه (٤١١١) من حديث المستورد بن شداد مرفوعا، وفي سنده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. وله شواهد، منها حديث جابر عند مسلم (٢٩٥٧).
(٥) حسَرت الدابة: تعبت وأعيت.
(٦) الماء الرَّواء بفتح الراء: الماء الكثير الذي يُروي وارده.