للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيبويه (١): المعنى: ومثَلُك يا محمد ومثَلُ الذين كفروا كمثَل الناعق والمنعوق به. وعلى قوله، فيكون المعنى: ومثل الذين كفروا وداعيهم كمثل الغنم والناعق بها. ولك أن تجعل هذا من التشبيه المركَّب، وأن تجعله من التشبيه المفرَّق. فإن جعلته من المركَّب كان تشبيهًا للكفار في عدم فقههم وانتفاعهم بالغنم التي ينعِق بها الراعي، فلا تفقه من قوله شيئًا غيرَ الصوت المجرَّد الذي هو الدعاء والنداء. وإن جعلته من التشبيه المفرَّق فالذين كفروا بمنزلة البهائم، وداعيهم (٢) إلى الطريق والهدى بمنزلة الذي ينعق بها، ودعاؤهم إلى الهدى بمنزلة النعيق، وإدراكُهم مجرَّدَ الدعاء والنداء كإدراك البهائم مجرَّدَ صوت الناعق (٣). والله أعلم.

فصل

ومنها: قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٦١].

شبَّه سبحانه نفقةَ المنفِق في سبيله ــ سواء كان المراد به الجهاد أو جميع سُبل الخير من كلِّ بِرٍّ ــ بمن بذَر بَذْرًا، فأنبتت كلُّ حبة منه سبعَ سنابل، اشتملت كلُّ سنبلة على مائة حبة. والله يضاعف فوق ذلك لمن يشاء (٤)،


(١) في "الكتاب" (١/ ٢١٢)، ولكن النقل من "البحر" (٢/ ١٠٦).
(٢) في النسخ: "ودعايهم"، ولعله تحريف ما أثبت، وفي النسخ المطبوعة: "ودعاء داعيهم" وزيادة "دعاء" يختل بها السياق.
(٣) وانظر: "مفتاح دار السعادة" (١/ ٢١٨).
(٤) ت: "لمن يشاء فوق ذلك". وفي ع: "يضاعف ذلك" بإسقاط "لمن يشاء فوق".