للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاشتراط النية في أجزائه وأبعاضه.

وأيضًا فإن الرجل قد يستحضر بعد فراغه من الجملة ما يرفع بعضها، ولا يذكر ذلك في حال تكلُّمه بها، فيقول: لزيدٍ عندي ألف درهم، ثم في الحال يذكر أنه قضاه منها مائةً فيقول: إلا مائة، فلو اشترط نية (١) الاستثناء [١٥٢/ب] قبل الفراغ لتعذَّر عليه استدراك ذلك، وأُلجِئ إلى الإقرار بما لا يلزمه والكذب فيه. وإذا كان هذا في الإخبار فمثله في الإنشاء سواء؛ فإن الحالف قد يبدو له فيعلِّق اليمين بمشيئة الله، وقد يَذهَل في أول كلامه عن قصد الاستثناء، أو يَشْغله شاغل عن نيته، فلو لم ينفعه الاستثناء حتى يكون ناويًا له من أول يمينه لفاتَ مقصودُ الاستثناء، وحصل الحرج الذي رفعه الله سبحانه عن الأمة به. ولما قال لرسوله إذا نسيه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} وهذا متناولٌ لذكره إذا نسي الاستثناء قطعًا، فإنه سبب النزول، ولا يجوز إخراجه وتخصيصه؛ لأنه مراد قطعًا.

وأيضًا فإن صاحب هذا القول إن طردَه لزمه أن لا يصحَّ مخصِّصٌ من صفة أو بدل أو غاية أو استثناء بإلّا ونحوها حتى ينويه المتكلم من أول كلامه؛ فإذا قال: «له عليَّ ألف درهم (٢) مؤجَّلة إلى سنة» هل يقول عالم: إنه لا يصح وصفها بالتأجيل حتى يكون منويًّا من أول الكلام؟

وكذلك إذا قال: «بعتُك هذا بعشرةٍ» فقال: «اشتريتُه على أن لي الخيار ثلاثة أيام» يصح هذا الشرط وإن لم ينوِه من أول كلامه، بل عنَّ له الاشتراط عقيب القبول.


(١) ك: «فيه».
(٢) «درهم» ليست في ز.