للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الذي استنكره الفسويُّ من حديثه، ما سُبِقَ إليه، ولو فتحنا هذه الوساوسَ على أنفسنا، رددنا كثيراً من السُّنن الثابتة بالوهم الفاسد، ولا نفَتَح علينا في زيد بن وهب خاصة بابُ الاعتزال، فردُّوا حديثَه الثابتَ عن ابنِ مسعود حديث الصادق المصدوق (١).

وزيدٌ سيدٌ جليلُ القدر، هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقُبِضَ وزيدٌ في الطريق، وروى عن عمر، وعثمان، وعلي والسابقين، وحدث عنه خلقٌ، ووثقه ابن معين وغيره حتى إن الأعمشَ قال: إذا حدَّثَك زيد بن وهب عن أحد، فكأنك سمعتَه من الذي أخبرك عنه.

وذكر الذهبيُّ في ترجمة إبراهيم بن يعقوب (٢): أن ابْنَ عديٍّ، قال في ترجمة إسماعيل بن أبان الورَّاق (٣) لما قال فيه إبراهيمُ بن يعقوب الجوزجاني: كان مائلاً عن الحقِّ: لم يكن يكذِبُ، والجوزجاني كان مائلاً إلى مذهب أهلِ دمشق في التَّحَامُلِ على علي رضي الله عنه (٤)، فقولُه في إسماعيل بن أبان: كان مائلاً عن الحق يعني ما عليه الكوفيون من


(١) أخرجه البخاري (٣٢٠٨) و (٣٣٣٢) و (٦٥٩٤) و (٧٤٥٤)، ومسلم (٢٦٤٣)، وأبو داود (٤٧٠٨)، والترمذي (٢١٣٧)، وابن ماجة (٧٦)، والنسائي في التفسير في " الكبرى " كما في " تحفة الأشراف " ٧/ ٢٩، وأحمد ١/ ٣٨٢ و٤١٤ و٤٣٠ من طرقٍ كثيرة عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود.
(٢) في " الميزان " ١/ ٧٥ - ٧٦. وقد علق الحافظ ابن حجر على قول الجوزجاني في إسماعيل هذا في " مقدمة الفتح " ص ٣٩٠، فقال: الجوزجاني كان ناصبياً منحرفاً عن علي، فهو ضد الشيعي المنحرف عن عثمان، والصواب موالاتهما جميعاً، ولا ينبغي أن يسمع قول مبتدع في مبتدع.
(٣) في " الكامل " ١/ ٣٠٤.
(٤) كان هذا في وقتٍ ما ثم عُدِمَ ولله الحمد، كما يقول الإمام الذهبي، فليس فيهم الآن أحد ينتحل هذا المذهب الردىء.

<<  <  ج: ص:  >  >>