الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {٥٩}[النساء ٥٩] وهذا كله إذا ادعى مدعٍ العلمَ الضروري العقلي بنقيض ما ادَّعاه أولئك فكيف ولم يذكر أن أحدًا ادعاه ولا يدعيه إلا من خالف أصحابه ودخل في السفسطة الصريحة والجحود والبهتان ولا ريب أن باب الكذب والافتراء ليس مسدودًا فيمكن أن يحمل بعض الناس اعتقاده وظنه أو هواه وغرضه أو كليهما على ادعاء ذلك وإن قال معنى قولي إن العقل الصريح لا يأباها أي لا يعلم امتناعها فهذا إذا علم لم يضر المنازع فإن المنازع إذا قال أنا أعلم بالضرورة امتناع وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه وأنت لم تعلم امتناع صورة تستلزم إمكان ذلك لم يكن عدم العلم بامتناع ما يوجب إمكان ذلك قادحًا في العلم بامتناعه فإنا إذا علمنا أن الشيء ممتنع وكان إمكان غيره مستلزمًا لإمكانه وذلك اللزوم لا يعلم امتناعه لم يكن عدم علمنا بامتناع مستلزم الإمكان مثبتًا للإمكان هذا ولا مانعًا من العلم بالامتناع وقد تقدم أنه لو قال لا أعلم امتناع ذلك لم يكن هذا جوابًا فكيف إذا قال بما يثبت به الإمكان أني أعلم امتناع هذا التقسيم لم يكن عدم العلم بامتناعه موجبًا عدم العلم بامتناع ذلك الخلو عن القسمين إذ أحدهما ليس هو الآخر وإن كان