الضروري بإمكان وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه ثم لو قُدِّر أنه ادعى ذلك مدعٍ لم يكن دعواه دافعة لما ادعاه أولئك بل يكون الحكم لغيرهما وحينئذ فعليهم جميعًا أن يسلِّموا الحمم لكتب الله المنزلة وأنبيائه المرسلة ولا نزاع بين الخلائق أن دلالة الكتب الإلهية والآثار النبوية على أنه سبحانه فوق العالم أعظم من دلالتها على نفي كيفيته وكَمِّيتهِ وذلك يقتضي رجحان ذلك لو فرض أن لهؤلاء في السمع دليلاً فكيف وجميع علمائهم وعلماء الأولين والآخرين يعلمون أن السمع ليس فيه دلالة تدل لا نصًّا ولا ظاهرًا على أن الله سبحانه وتعالى ليس فوق العالم وفيه من الأدلة التي هي نصوص وظواهر على أن الله سبحانه وتعالى فوق العالم ما لا يحصيه إلا رب العباد ولما علم الله أن بني آدم يصل الأمر بينهم في المناظرات إلى هذا الحد وكانوا يدعون وجدا وعلمًا ضروريًّا إما صادقين في ذلك وهم غالطون لا يعرفون وجه غلطهم وإما كاذبين في ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وأمرهم أن يحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه ولهذا لا يقطع النزاع عن بني آدم إلا بالنبي والرسول وحاجتهم إلى ذلك ضرورية قال الله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ [البقرة ٢١٣] وقال تعالى فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ