وهذا التلخيص من المُصْنِّف في الأخير هو الذي يردنا إِلَى أصل القضية، وهو أن كل لفظ مجمل في حق الله عَزَّ وَجَلَّ لا نستخدمه ولا نستعمله، لأنه ما دام يحتمل معنيين أحدهما حق والآخر باطل، فإننا لابد أن نخطأ إذا أثبتناه بالكلية، أو نفيناه بالكلية، ولهذا لا نطلقه بالمرة، وإنما نقف عندما ورد، ونثبت ما ورد.
هذه هي القاعدة الأساسية، وقد استثنى من ذلك -كما سبق- أنه قد يُوضح المعنى الشرعي بكلام آخر، أو بعبارات أخرى، المراد منها إيضاح دلالته مثل ما قلنا: استوى بذاته، ثُمَّ وضحناه وقلنا مباين لخلقه، من غير اختلاط ولا ممازجة، وهذه العبارات يستخدمها بعض السلف بقصد إيضاح المعنى الأساسي لا بقصد استخدام معنى جديداً له دلالة مجملة، فنقف حيث وقف السلف الصالح وهو أن ما ورد به النص قلناه وما نفاه نفيناه.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[وأما لفظ الجهة، فقد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمرٌ موجودٌ غير الله تَعَالَى كَانَ مخلوقاً، والله تَعَالَى لا يحصره شيء، ولا يحيط به شيء من المخلوقات، تَعَالَى الله عن ذلك.