ولم يذكر صاحبُ "جمع الجوامع" هذا القول الأخير؛ لأنَّه لم يره لغيرِ ابن الحاجبِ، كما ذكره عنه المحلي.
التنبيه الرابع: قد قدمنا أنَّ من أجوبة النقضِ منعَ المستدل تخلفَ الحكم، فإن منعه وقال: بل الحكمُ موجودٌ فلا نقض، فأراد المعترضُ إقامة الدليل على عدم الحكم؛ فقال بعضهم: له ذلك؛ إذ به يحصل مطلوبه، وهو النقضُ بتخلف الحكمِ عن الوصف.
وقال بعضهم: ليس له ذلك؛ لأنَّه انتقالٌ من الاعتراضِ إلى الاستدلال.
وقال بعضهم: له ذلك إن لم يكن طريقٌ آخر أولى بالقدح نظير ما تقدم.
والقولُ بمنعه من الاستدلال مطلقًا صححه صاحبُ "جمع الجوامع".
وقال صاحبُ "الضياء اللامع": وعزاه ولي الدين لأكثر النُّظار.
التنبيه الخامس: لو أقام المستدلُّ الدليل على وجود العلة في محل التعليلِ، وذلك الدليل موجود في محل النقض، فنَقَضَ المعترضُ العلَة، فقال المستدل: لا نسلِّم وجوده في محل النقض، فقال المعترض: ينتقضُ دليلُك؛ لوجوده في محل النقض دون مدلوله وهو وجود العلة = فاختلف: هل يسمع منه ذلك أو لا؟
فقال الجدليون: لا يسمع. واختاره صاحب "جمع الجوامع" وغير واحد؛ لأنَّه انتقال.