وإن اختارَ وجوبَه غيرُ واحدٍ، واختار ابنُ الحاجبِ في مختصره الأصوليِّ أنَّ الاحترازَ المذكورَ ليس بلازمٍ.
وفيه أقوالٌ وتفصيلٌ معروفٌ عند الأصوليين أشار إليه ابنُ الحاجب.
وقال صاحبُ "جمع الجوامع": "ويجبُ الاحترازُ منه على المناظرِ مطلقًا، وعلى الناظرِ إلَّا فيَما اشتهر من المستثنيات، فصار كالمذكور، وقيل: يجب مطلقًا. وقيل: إلَّا في المستثنياتِ (مطلقًا) ". انتهى محلُّ الغرضِ منه.
ومرادهُ بالمستثنياتِ العرايا ونحوها.
والذين لم يوجبوا الاحترازَ المذكورَ وجهوا ذلك بأنَّ النقضَ سؤالٌ خارجٌ عن القياسِ، فلا يجبُ إدخالُه في صلبِ القياسِ، بل إذا أورده المعترضُ لزمَ جوابُه بما يدفعُه، كسائرِ الأَسئلة، ولأنَّ فيه تنبيهًا للمعترضِ على موضع النقض، وقد يدَّعي أنَّ الوصفَ الذي به الاحترازُ طرديٌّ، وذلَك يؤدي إلى انتشار الكلام، وهو خلاف المطلوبِ من المناظرة.
وأمَّا الذين أوجبوا الاحترازَ المذكور فقد وجهوا ذلك بأنَّ فيه حسم مادةِ الشغبِ وانتشار الكلامِ وسدًّا لبابه، فكان واجبًا، لما فيه من صيانةِ الكلامِ عن الانتشار.
وهذا الأخيرُ أظهرُ عندنا، وقد أجاب القائلونَ به بأنَّ سؤال النقضِ وإنْ كان خارجًا عن القياس فهو مصححٌ له، ومانعٌ مِنْ إظهارِ خللِ