للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت كان شاعراً منطبقاً، سهل الألفاظ، عذب الكلام، منسجم التركيب، ولم يكن غواصاً على المعاني. ولم يورد له ابن خلنكان رحمه الله تعالى على إطنابه في وصفه شيئاً من قصائده الطنانة. وكان شيخنا الإمام القاضي شهاب الدين محمود رحمه الله تعالى لا يفارق ديوانه، ويعجبه طريقه، ويقتفي أسلوبه. وكان ابن التعاويذي كاتبا بديوان المقاطعات وعمي آخر عمره سنة تسع وستعين. وله في عماه أشعار كثيرة أوردت منها جملة في صدر هذا الكتاب. وجمع ديوانه بنفسه ورتبه أربعة فصول ثم ألحقه بعد ذلك زيادات. وصنف كتابا سماه الحجبة والحجاب، يدخل في مقدار خمسة عشر كراساً وهو قليل الوجود. وقال العماد الكاتب: إنه كان بالعراق صاحبه فلما انتقل العماد إلى الشام وخدم نور الدين وصلاح الدين كتب إليه يطلب منه فروة برسالة ذكرها ابن خلنكان في وفيات الأعيان. وقد تقدمت أشعاره في مصيبته بعينيه في ديباجة الكتاب. ومن شعره:

سقاك سار من الوسمى هتان ... ولا وقت للغوادي فيك أجفان

يا دار لهوي وأطرابي ومعهد أت ... رابي وللهو أوطار وأوطان

أعائد لي ماض من جديد هوىً ... أبليته وشباب فيك فينان

إذ الرقيب لنا عين مساعدة ... والكاشحون لنا في الحب أعوان

وإذ جميلة توليني الجميل وعن ... د الغانيات وراء الحسن إحسان

ولى إلى البان من رمل الحمى طرب ... فاليوم لا الرمل يصبيني ولا البان

وما عسى يدرك المشتاق من وطر ... إذا بكى الربع والأحباب قد بانوا

كانوا معاني المغاني والمنازل أم ... وات إذا لم يكن فيهن سكان

لله كم قمرت لبى بجودك أق ... مار وكم غازلتني فيك غزلان

وليلة بات يجلو الراح من يده ... فيها أغن خفيف الروح جذلان

خال من الهم في خلخاله حرج ... فقلبه فارغ والقلب ملآن

يذكى الجوى بارد من ريقه شبم ... ويوقظ الطرف طرف منه وسنان

إن يمس ريان من ماء الشباب فلي ... قلب إلى ريقه المعسول ظمآن

بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان

فكيف أصحو غراما أو أفيق جوىً ... وقده ثمل الأعطاف نشوان

أفديه من غادر للعهد غادرني ... صدوده ودموعي فيه غدران

<<  <   >  >>