للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال/ ٣٨]، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى/ ٢٥]، وقوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام/ ١٥٨]، فإنه يدل بمفهومه على أن التوبة قبل إتيان بعض الآيات مقبولة من كل تائب.

وصرح تعالى بدخول المرتدين في قبول التوبة قبل هذه الآية مباشرة في قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩)} [آل عمران/ ٨٦ - ٨٩]، فالاستثناء في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} راجع إلى المرتدين بعد الإيمان، المستحقين للعذاب واللعنة إن لم يتوبوا.

ويدل له -أيضًا- قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} الآية [البقرة/ ٢١٧]؛ لأن مفهومه أنه إنْ تاب قبل الموت قبلت توبته مطلقًا.

والجواب من أربعة أوجه:

الأول -وهو اختيار ابن جرير ونقله عن رفيع أبي العالية-: أن المعنى: أن الذين كفروا من اليهود بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرًا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم حتى يتوبوا من كفرهم.

ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ}؛ لأنه يدل على أن توبتهم مع بقائهم على ارتكاب الضلال، وعدمُ قبولها حينئذ

<<  <   >  >>