ومما يدل لكونه مناظرًا لا ناظرًا قوله تعالى:{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} الآية [الأنعام/ ٨٠].
وهذا الوجه هو الأظهر.
وما استدل به ابن جرير على أنه غير مناظر من قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧)} [الأنعام/ ٧٧] لا دليل فيه على التحقيق؛ لأن الرسل يقولون مثل ذلك تواضعًا وإظهارًا لالتجائهم إلى اللَّه، كقول إبراهيم:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}[إبراهيم/ ٣٥]، وقوله هو وإسماعيل:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} الآية [البقرة/ ١٢٨].
الوجه الثاني: أن الكلام على حذف همزة الاستفهام؛ أي: أهذا ربي؛ وقد تقرر في علم النحو: أن حذف همزة الاستفهام إذا دل المقام عليها جائز. وهو قياسي عند الأخفش مع "أم" ودونها، ذكر الجواب أم لا.
فمن أمثلته دون "أم" ودون ذكر الجواب قول الكميت:
طربت وما شوقًا إلى البيض أطْرَبُ ... ولا لعبًا مني وذو الشيب يلعب
يعني: أو ذو الشيب يلعب؟
وقول أبي خراش الهذلي واسمه خويلد:
رَفَوني وقالوا يا خويلد لم تُرَعْ ... فقلتُ وأنكرتُ الوجوه همُ همُ