للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسرائيليات، وقد نهى -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تصديقها وتكذيبها.

قوله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} الآية [آل عمران/ ٦٧].

هذه الآية الكريمة وأمثالها في القرآن تدل على أن إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- لم يكن مشركًا يومًا ما؛ لأن نفي الكون الماضي في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} يدل على استغراق النفي لجميع الزمن الماضي، كما دل عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} الآية [الأنبياء/ ٥١].

وقد جاء في موضع آخر ما يوهم خلاف ذلك، وهو قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي}، {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي}، {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} [الأنعام/ ٧٦، ٧٧، ٧٨].

ومن ظن ربوبية غير اللَّه فهو مشرك باللَّه، كما دل عليه قوله تعالى عن الكفار: {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٦٦)} [يونس/ ٦٦].

والجواب عن هذا من وجهين:

أحدهما: أنه مناظر لا ناظر، ومقصوده التسليم الجدلي، أي: هذا ربي على زعمكم الباطل. والمناظر قد يسلِّم المقدمة الباطلة تسليمًا جدليًّا ليفحم بذلك خصمه.

فلو قال لهم إبراهيم في أول الأمر: الكوكب مخلوق لا يمكن أن

<<  <   >  >>