وقول نوح:{إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} يظنه مسلمًا من جملة المسلمين الناجين، كما يشير إليه قوله تعالى:{فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[هود/ ٤٦]، وقد شهد اللَّه أنه ابنه حيث قال:{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ}[هود/ ٤٢] إلا أنه أخبره بأن هذا الابن عملٌ غير صالح؛ لكفره، فليس من الأهل الموعود بنجاتهم، وإن كان من جملة الأهل نسبًا.
هذه الآية الكريمة تدل على أن إبراهيم رد السلام على الملائكة.
وقد جاء في سورة الحجر ما يوهم أنهم لما سلموا عليه أجابهم بأنه وَجلَ منهم مِنْ غير رَدِّ السلام، وذلك قوله تعالى: {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢)} [الحجر/ ٥٢].
والجواب ظاهر، وهو: أن إبراهيم أجابهم بكلا الأمرين، ردِّ السلام والإخبارِ بوجله منهم، فذكر أحدهما في هود والآخر في الحجر.
ويدل لذلك ذكر تعالى ما يدل عليهما معًا في سورة الذاريات في قوله: {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥)} [الذاريات/ ٢٥]؛ لأن قوله {مُنْكَرُونَ (٢٥)} يدل على وجله منهم.
ويوضح ذلك قوله تعالى:{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} في هود