للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب من أربعة أوجه:

الأول -ويظهر لي صوابه؛ لدلالة ظاهر القرآن عليه-: أن من الكفار من يثيبه اللَّه بعمله في الدنيا كما دلت عليه آياتٌ وصح به الحديث، ومنهم من لا يثيبه في الدنيا كما دلت عليه آياتٌ أخر.

وهذا مشاهد فيهم في الدنيا، فمنهم من هو في عيش رغد، ومنهم من هو في بؤس وضيق.

ووجه دلالة القرآن على هذا: أنه تعالى أشار إليه بالتخصيص بالمشيئة في قوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء/ ١٨] فهي مخصصة لعموم قوله تعالى: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}، وعموم قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}.

وممن صرح بأنها مخصصة لهما: الحافظ بن حجر في "فتح الباري" في كتاب الرقاق في الكلام على قول البخاري: "باب: المكثرون هم المقلون، وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآيتين".

ويدل لهذا التخصيص قوله في بعض الكفار: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)} [الحج/ ١١].

وجمهور العلماء على حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد، كما تقرر في الأصول.

الثاني -وهو وجية أيضًا-: أن الكافر يثاب عن عمله بالصحة وسعة الرزق والأولاد ونحو ذلك، كما صرح به تعالى في قوله:

<<  <   >  >>