في الأحاديث الصحيحة كحديث ابن عمرو بن العاص وغيره، التي جعلت المؤاخذة مقصورة على حقوق الآدميين، أما حقوق الله فإنها معفو عنها.
ويؤيد ما ذكرته من كون الأمانة تشمل الحقين حق الله وحق الناس، هو أن بن كثير١ ساق حديث ابن مسعود هذا عند قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ، مستدلا به على أنه يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عزّ وجلّ على عباده؛ من الصلاة، والزكاة، والصيام، وغير ذلك. ومن حقوق العباد بعضهم على بعض؛ كالودائع وغير ذلك.
فلا يبعد في نظري بناء على ما سبق –أن يكون المراد بقوله "إلا الأمانة" حقوق الآدميين، حتى يتفق مع قوله:"القتل في سبيل الله ... "، ولعل ما في الرواية الأخرى التي أوردها ابن جرير والتي تابع فيها عياش العامري عبد الله بن السائب، عن زاذان إلا أنه لم يذكر تفسير ابن مسعود للأمانة، يساعد على المراد الذي ذكرته. والله أعلم.
وقريب مما قلته عن حديث ابن مسعود من ناحية المعنى يقال عن الحديث الآخر، الذي لفظه:"شهيد البر يغفر له كل ذنب إلا الدين، والأمانة، وشهيد البحر يغفر له كل ذنب، والدين، والأمانة".