للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْلُهُ: «إلا إذا تضمَّن ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة».

أي: يُحمل المطلق على المقيد إلا إذا منع من ذلك مانع كتأخير البيان عن وقت الحاجة.

ويتَّضح هذا بالمثال: ثبت في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - سئل لما كان بذي الحليفة ما يلبس المحرم؟ فكان مما أجاب: «فمن لم يجد النَّعلين فليلبس الخفين، وليقطَعْهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» (١).

وفي يوم عرفة أخرج الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ومن لم يكن له نعلان فليلبس خفين» (٢). ولم يذكر القطع. وأخرج مسلم (١١٧٩) نحوه عن جابر - رضي الله عنه -.

فعلى ما تقدَّم من التَّأصيل ينبغي أن يحمل المطلق على المقيد لاتفاق الحكم والسبب فإنَّ السبب الإحرام، والحكم: لبس الخفين لمن لم يجد النعلين، لكن منع مانع من حمل المطلق على المقيد، وهو أنَّ الذين حضروا في يومِ عرفة أعداد كثيرون وأضعاف الذين حضروا بذي الحليفة لما ذكر القطع، فدلَّ هذا على أنَّ القطع نُسخ، وإلا لبيَّنه - صلى الله عليه وسلم - في عرفة، ولو كان مرادًا شرعًا ولم يبينه لترتب على ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة. وهذا ممتنع في حقه - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦) , ومسلم (١١٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٨٥٣)، ومسلم (١١٧٨).

<<  <   >  >>