للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسمع الحديث، واشتغل بالفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم على مذهب أحمد بن حنبل.

وقرأ الأصول والمنطق على التاج التبريزي، وشارك في علم التفسير والبيان والموسيقى وكتب الخط الحسن، وحدث، وخرج له الشهاب أحمد بن أيبك الدمياطي أربعين حديثا حدث بها قبل موته، وأجيز بالإفتاء.

واختص بصحبة الشيخ فتح الدين بن سيد الناس، فأخذ عنه معرفة الناس وأيامهم وطبقاتهم وأسماء الرجال.

وكان آية في معرفة فقه السلف ونقل مذاهبهم وأقوال الصحابة والتابعين، وهذا هو علمه، مع مشاركة جيدة في العربية وغيرها.

وكان له نظم جيد، وكان جهوريّ الصوت، له تقدّم في نقد الشعر وذوق معانيه اللطيفة، ويستحضر من مجون ابن الحجاج جملة، ومال في آخر أمره إلى مذهب أهل الظاهر، لملازمته النظر في كتب أبي محمد بن حزم.

وكان يؤثر مجالسة أهل العلم على مجالسة الأمراء، وكان لا يزال متيما هائما، يتعشق بعض الصّور، يذوب صبابة ووجدا، ويستحضر في هذه الحالة ما يناسبها من شعر الشريف الرّضي، ومهيار، ومتيّمي العرب كثيرا، ويراسل به ويعاتب.

وكان له إفضال كثير وصدقات ومعروف. قرئ عليه مرّة حساب شونته، فإذا فيه إنعام على أرباب الملهى بنحو ثلاثمائة إردب، فقال لأستاداره: ما هو قبيح من الله. تعطي

في رضا الشيطان هذا القدر! ثم أمره أن يخرج من الشونة ستمائة إردب يفرقها في الفقراء والأرامل، ففرقت من يومه.

وكان له جمال الموكب وجها وصباحة وقدا وشكلا، محبّبا، تامّ الخلق، حسن الخلق، لم يكن في زمانه أحسن وجها منه.