وعلي رضوان الله عليهم، وتكلم على تصحيح غدير خم، واحتج لتصحيحه، وأتى من فضائل علي بن أبي طالب بما انتهى إليه، ولم يتم الكتاب.
وكان ممّن لا تأخذه في دين الله لومة لائم، وحكي أنه استخار الله وسأله الإعانة على تصنيف التفسير ثلاث سنين فأعانه، وروى القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أنبأنا علي بن نصر بن الصباح التغلبي، أنبأنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم بن عقيل الورّاق، أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه. فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم، إلى وقتنا هذا؟ قالوا كم قدره؟
فذكر نحوا ممّا ذكره في التفسير [فأجابوا (١) بمثل ذلك، فقال: إنا لله، ماتت الهمم. فاختصره في نحو ما اختصر التفسير] وقال أبو بكر الخطيب: عن القاضي ابن كامل: أربعة كنت أحبّ بقاءهم، أبو جعفر الطبري، والبربري، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة، والمعمري، فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.
ومولد أبي جعفر بآمل في سنة أربع وعشرين ومائتين، ووفاته ببغداد في يوم السبت، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة، وقيل توفي في عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال ودفن يوم الاثنين، واجتمع في جنازته خلق لا يحصون، وصلّي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، وكان السواد في رأسه ولحيته كثيرا، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ورثاه خلق كثير من أهل الدّين والأدب. وقيل إنه دفن في سفح المقطم من القرافة، وليس بصحيح.
(١) ما بين المعقوفتين من المقفى، وطبقات الشافعية للسبكي.