قوله:(تعديلاً وتجريحاً وجهالةً) تعديل الرواة وتجريحهم وجهالة يُعرف بالرجوع إلى كتب التراجم، وقد سُهلت ولله الحمد بما تقدم ذكره.
قوله:(ومراتب الجرح) الأصل في هذا البحث أنه لغوي، ليس للمحدثين اصطلاح مطرد، يعني إذا قالوا: ثقة ثقة. لغةً هذا أرفع من قول: ثقة. وقولهم: أوثق الناس. لغةً هذا أرفع درجة من أن يُقال: ثقة. إذن الأصل في هذا المبحث أنه لغوي، ما لم يتبيَّن أن للمحدثين اصطلاحًا، كقولهم: شيخ. فالشيخ أقل منازل الثقات كما بيَّنه أبو حاتم في كتابه (الجرح والتعديل) أو أن يكون للمحدثين اصطلاحٌ خاصٌ في بعض الألفاظ، أما أن لهم اصطلاحًا عامًا في جميع الألفاظ ويندرج جميع المحدثين فهذا لا يُعرف إلا أن يكون بعضهم صرح بأشياء دون أشياء.
قوله:(ومراتب التعديل: وأرفعها: الْوَصْفُ بِأَفْعَلَ: كَأَوْثَق النَّاسِ، ثُمَّ مَا تَأكَّدَ بِصِفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ، كثِقَة ثِقَة، أَوْ ثِقَةٌ حافِظٌ. وَأَدْنَاهَا: مَا أَشْعَرَ بِالقُرْبِ مِنْ أَسْهَلِ التَّجْرِيحِ، كَـ: شَيْخٌ) إذن أؤكد أن الأصل في هذه المباحث أنها مباحث لغوية ما لم يتبيَّن أن هناك اصطلاحًا خاصًا.
بعد هذا أنبه إلى أمور:
الأمر الأول: لابد إذا أردنا أن نقبل كلام عالم أن نعرف ثبوت الإسناد إليه، فقد يقول عالم في عالم شيئًا ولا يكون الإسناد ثابتًا إليه، كما جاء عن ابن عباس أنه كذَّب عكرمة، هذا إسناده لا يصح كما بيَّنه ابن رجب في شرح (العلل) وابن حجر في (هدي الساري)، وهذا يُحتاج إليه عند التعارض الشديد، أما إذا تواردت كلماتهم على التضعيف أو التوثيق فلا يُحتاج إلى مثل هذا.
ثم من الكتب ما تكفَّل مؤلفوها بصحة الإسناد، كالمزي في كتابه (تهذيب الكمال) وابن حجر في (تهذيب التهذيب) كما بيَّن هذا المعلمي -رحمه الله تعالى-.
الأمر الثاني: ينبغي أن يُدقق عند تعارض كلام العلماء في اللفظ المغاير لوصف العلماء بطريقة الجواب على السؤال، أحيانًا قد يكون سؤالًا فكان الجواب هكذا، وقد يكون مقارنة بين راويين فأجاب بهذا، فإذن لابد أن يُدقق في مثل هذا، فقد يُشدد في بيان ضعفه لأنه قُورن برجل ثقة كبير، إلى غير ذلك من المعاني، فإذا حصل التعارض لابد أن يُدقق في