(٢) تقدّم تحديدنا لموضع شعب الصفيّ في مبحث المحصّب، وبيّنا أنّه الشعب الذي يسمّى اليوم الجميّزة، وفيه ثلاث حارات: حارة العمّر (بنو عامر)،وحارة البياشة، وحارة بني سلول. وسألت بعض قدماء سكان هذا الشعب عن وجود عيون ماء فيه فأفادني أن في أقصى هذا الشعب كان الماء ينساب انسيابا بيّنا، وأدركه بعض مشايخ ذلك الحيّ، وسمّاه لي بعضهم: مصافي-والله أعلم بصحّة ذلك-وإن كان ذلك صحيحا فهو يؤكّد أنّ في هذا الشعب كانت حوائط،وقد تقدّم ذكر الفاكهي لحائط الصفيّ. أمّا جبل الراحة الذي هو حدّ شعب الصفيّ الأسفل: فهو الجبل الذي يقابل ركن مقبرة المعلاة من الناحية الشمالية الشرقية. ويقابل أيضا أول عمائر الأشراف بالجعفريّة المشرفة على المقبرة، ويقال لهذا الجبل الآن: (جبل العداويين).وأما نزّاعة الشوى-الحدّ الأعلى لشعب الصفيّ -فهو القرن الذي يشرف على البيّاضيّة، ويفصل بين الجميّزة وبين البيّاضية، والمسجد الذي صلّي فيه على أبي جعفر المنصور لا زال قائما إلى اليوم في أصل هذا القرن، وبجنبه قصر البيّاضيّة. وأمّا: صفيّ السباب (وصفيّ: جمع صفاة، والسباب: بكسر السين وتخفيف الباء-بمعنى: الشتم-) فقد ذهبت اليوم، وأثرها لا زال ظاهرا، يتوسّط فوّهة شعب الجميّزة مشرفا على الطريق العام، على يمين الخارج من مكة إلى منى، وبجنبه يجلس عمدة حيّ الجميّزة، وأقيم بجنبه محطّة ضخّ لمياه عين زبيدة، واضح لمن تأمّله. هذا هو شعب الصفيّ، وقد غمره العمران حتى لا تكاد تجد موضعا لبناء فيه. وقد ذهب الشريف محمد بن فوزان-رحمه الله-فيما أخبرنا به شفويّا، والأستاذ البلادي في كتبه معجم معالم الحجار ٦٠/ ٥،ومعالم مكة التاريخية ص:١٤٦،وأودية مكة ص:١١١ إلى أنّ شعب الصفيّ هو في الجهة الأخرى، على يسار الصاعد من مكة لا على يمينه، وهو الشعب الذي فيه مسجد الإجابة، ويقال لهذا الشعب اليوم: (شعبة النور) أو (شعبة الحرّث) أو (الشعبة) بدون إضافة. وجعلا صفيّ السباب: هو الجبل المقابل لهذا الشعب، الذي بجنبه المسجد المعروف بمسجد النوق.