للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشدة، لتظاهر عدوهم عليهم، وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى هدى الله نعيم بن مسعود أحد غطفان للإسلام لإنفاذ أمره سبحانه في نصر نبيه وإقامة دينه.

فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجلٌ واحدٌ، فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة.

فخرج حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديماً في الجاهلية، فقال: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت، لست عندنا بمتهم.

فقال لهم: إن قريشاً وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم، به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون على أن تحولوا عنه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم بغيره، فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزةً أصابوها، وإن كان غير ذلك، لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهناً من أشرافهم، يكونوا بأيديكم ثقةً لكم على أن تقاتلوا معهم محمداً حتى تناجزوه، قالوا: لقد أشرت بالرأي.

ثم خرج حتى أتى قريشاً فقال لهم: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمداً، وإنه قد بلغني أمرٌ قد رأيت علي حقاً أن أبلغكموه نصحاً لكم، فاكتموه عني؟! قالوا: نفعل، قال: تعلمون أن اليهود قد ندموا على ما صنعوه فيما بينهم وبين محمدٍ، وقد أرسلوا إليه: إنا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ من القبلتين؛ قريش وعطفان رجالاً من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم: نعم.

فإن بعثت إليكم يهود تطلب منكم رجلاً واحداً فلا تدفعوه.

ثم خرج فأتى غطفان، فقال لهم مثل ما قال لقريش، فأرسلت قريش

<<  <   >  >>