للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواحد أبيض أسود في وقت واحد من جهة واحدة، ولكنها تُجوِّز الخُلُوَّ من الطرفين؛ لأنها لا عناد بين طرفيها في العدم، فيجوز أن يكون الجسم غير أبيض وغير أسود؛ لكونه أحمر وأصفر مثلًا. وجواز عدم طرفيها معًا هو معنى [كونها] (١) لا عناد بين طرفيها في العدم، بل هما مصطحبان فيه، لانعدام كليهما.

وإن كان العناد بين طرفيها في العدم فقط فهي مانعة الخلو [المجوِّزةُ] (٢) للجمع، عكسَ التي قبلها، ولا تتركب إلا من قضية وأعمَّ من نقيضها، كقولك: (الجسم إما غير أبيض وإما غير أسود)، فهذه شرطية منفصلة مانعةُ خلُوّ مجوِّزةُ جمع، فلا يمكن اجتماع طرفيها في العدم البتة، ولكن يمكن اجتماعهما في الوجود؛ إذ لا عناد بينهما في الوجود، وإنما العناد بينهما في العدم.

فطرفا هذه المنفصلة اللذان هما (غير أبيض) و (غير أسود) يجوز اجتماعهما في الوجود فنقول: (هذا الجسم غير أبيض وغير أسود)، وأنت صادق؛ لكونه أحمرًا أو أصفرًا مثلًا.

ولكن لا يمكن اجتماعهما في العدم بحال، بل إذا عُدم أحدُهما لزم وجود الآخر ضرورة؛ لأنك لو حكمتَ بنفي (غير الأبيض) فقد جزمت بأنه أبيض؛ لأن نفي النفي إثبات، وإذا جزمت بأنه أبيضُ لزم ضرورةً حصولُ الطرف الثاني الذي هو (غير أسود)؛ لأن الأبيض غير


(١) في المطبوع: (كونهما)، والصواب ما أثبته.
(٢) في المطبوع: (المحجوزة)، والصواب ما اثبته.