والقسم الأخير في هذا النوع يكون أعم من نفس المراد به؛ لأن نقيض الهواء أعم من النار كما ترى.
وكقولهم الكلمة إما أن تدل على معنى في نفسها وإما لا، والثاني هو الحرف، والأول إما أن يكون الزمن جزءًا من مفهومه وإما لا، الأول الفعل، والثاني الاسم.
فنحو هذا من التقسيم الاستقرائي جيء به على صورة التقسيم العقلي بين الإثبات والنفي للعارض المذكور.
فإذا جاء صاحب التقسيم بكل نوع من هذين النوعين على ما هو الأصل فيه لم يلتبس أحدهما بالآخر، وإذا جاء بالاستقرائي في صورة العقلي، أو بالعقلي في صورة الاستقرائي التبس أحدهما بالآخر.
والتباس الاستقرائي بالعقلي يضر صاحبه؛ لأن خصمه يتوهم أن التقسيم عقلي فيعترض عليه بتجويز العقل قسمًا آخر، الذي هو مفروض في الاستقرائي، فيضطر إلى بيان أنه استقرائي جيء به في صورة العقلي.
بخلاف التباس العقلي بالاستقرائي، فلا يضر؛ لأن العقل فيه لا يجوّز قسمًا آخر.
وزاد بعض أهل هذا الفن التقسيم الجعلي والقطعي: أما الجعلي فكتقسيم المؤلف كتابًا أبواب الكتاب أو فصوله إلى عشرة مثلًا، فالمؤلف هو الذي جعل الأقسام عشرة، فهو جعلي بالنسبة إليه، واستقرائي بالنسبة إلى قارئ الكتاب.