للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين " فيمن قرأ إن لقصد التوبيخ والتجهيل في ارتكاب الإسراف وتصوير أن الإسراف من العاقل في مثل هذا المقام واجب الانتفاء حقيق أن لا يكون ثبوته إلا على مجرد الفرض ومنه ما قد يقول العامل عند التقاضي بالعمالة إذا امتد التسويف وأخذ يترجم عن الحرمان إن كنت لم أعمل فقولوا اقطع الطمع فنزلهم لنوهم أن يحرموه منزلة من لا يعتقد أنه عمل فيقول مجهلا: أن اعتقد تم أني لم أعمل فقولوا ويلكم، وأما لتغيب غير المرتابين ممن خوطبوا على مرتابيهم وباب التغليب باب واسع يجري في كل فن. قال تعالى حكاية عن قوم شعيب " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا " أدخل شعيب في لتعودن في ملتنا بحكم التغليب وإلا فما كان شعيب في ملتهم كافرا مثلهم فإن الأنبياء معصومون أن يقع منهم صغيرة فيها نوع نفرة فما بال الكفر وكذا قوله " إن عدنا في ملتهم " وقال تعالى " إلا امرأته كانت من الغابرين " وفي موضع أخر " وكانت من القانتين عدت الأنثى من الذكور بحكم التغلب. وقال تعالى " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس " عد إبليس من الملائكة بحكم

التغليب عد الأنثى من الذكور، ومن هذا الباب قوله تعالى " بل أنتم قوم تجهلون " بتاء الخطاب غلب جانب أنتم على جانب قوم وكذا " وما ربك بغافل عما تعملون " فيمن قرأ بتاء الخطاب أي أنت يا محمد وجميع المكلفين وغيرهم وكذا يذرؤكم في قوله تعالى " جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه " خطابا شاملا للعقلاء والأنعام مغلبا فيه المخاطبون على الغيب والعقلاء على ما لا يعقل، ومنه قولهم أبوان للأب والأم وقمران للقمر والشمس وخافقان للمغرب والمشرق. وأما قوله تعالى " وإذا مس الإنسان ضر " بلفظ إذا مع الضر فللنظر على لفظ المس وعلى تنكير الضر المفيد في المقام التوبيخي القصد على اليسير من الضر وعلى الناس المستحقين أن يلحقهم كل ضرر وللتنبيه على أن مساس قدر يسير من الضر لأمثال هؤلاء حقه أن يكون في حكم المقطوع به، وأما قوله " وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض " بعد قوله " وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه " اي أعرض عن شكر الله وذهب بنفسه وتكبر وتعظم فالذي تقتضيه البلاغة أن يكون الضمير في مسه للمعرض المتكبر ويكون لفظ إذا للتنبيه على أن مثله يحق أن يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعا به. وعند النحويين أن إذ في إذما مسلوب لدلالة على معناه الأصلي وهو المضي منقول بإدخال ما على الدلالة على الاستقبال. ولا فرق بين إذا وإذاما في باب الشرط من حيث المعنى إلا في الإبهام في الاستقبال. وحتى لتعميم الأوقات في المستقبل ومتى ما أعم منه. وأين لتعميم الأمكنة والأحياز. وأينما أعم. قال الله تعالى " أينما تكونوا يدرككم الموت. وحيثما نظير أينما. قال الله تعالى " وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره " ومن لتعميم أولى العلم قال الله تعالى " ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيراً وسعة " وما لتعميم الأشياء. قال الله تعالى " وما تفعلواً من خير فإن الله به عليم " ومهما أعم قال الله تعالى " وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين " ووجهه إذا قدر الأصل ماما ظاهر. وأي لتعميم ما يضاف إليه من ذوي العلم وغيرهم. وأنى لتعميم لأحوال الراجعة على الشرط كما تقول أنى تقرأ أقرأ أي على أي حال توجد القراءة من جهرها أو همسها أو غير ذلك أوجدها أنا والمطلوب بهذه المعممات ترك تفصيل على إجمال مع الاحتراز عن تطويل إما غير واف بالحصر أو ممل ألا تراك في قولك من يأتني أكرمه كيف تستغني عن التفصيل والتطويل في قولك إن يأتني زيد أكرمه وأن يأتني عمرو أكرمه وإن يأتني خالد أكرمه على عدد تعذر استيعابه مع قيام الإملال. قال الله تعالى " ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون " أي أيما مكلف أطاع الله في فرائضه ورسوله في سننه وخشي الله على ما مضى من ذنوبه واتقاه فيما يستقبل فقد فاز الفوز بحذافيرها. ب عد الأنثى من الذكور، ومن هذا الباب قوله تعالى " بل أنتم قوم تجهلون " بتاء الخطاب غلب جانب أنتم على جانب قوم وكذا " وما ربك بغافل عما تعملون " فيمن قرأ بتاء الخطاب أي أنت يا محمد وجميع المكلفين وغيرهم وكذا يذرؤكم في قوله تعالى " جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا

<<  <   >  >>