ولا يمتنعون أن يقال ما ضربت ولا أحدا من الناس وتسمعهم في قوله تعالى " لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " يقولون قدم الظرف تعريضا بخمور الدنيا وأن المعنى هي على الخصوص لا تغتال العقول اغتيال خمور الدنيا ويقولون في قوله تعالى " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه " يمتنع تقديم الظرف على اسم لا لأنه إذا قدم أفاد تخصيص نفي الريب بالقرآن ويرجع دليل خطاب على أن ريبا في سائر كتب الله وعلى هذا متى قلت إذا خلوت قرأت القرآن أفاد تقديم الظرف اختصاص قراءتك به ورجع على معنى لا أقرأ إلا إذا خلوت فافهم وإنما لزم التقديم استدعاء الحكم ثبوتا ونفيا حتى قامت الجملة في نحو أنا ضربت مقام ضربت ولم يضربه غيري، وفي نحو ما ضربت مقام ما ضربت وضربت غيره
وفي نحو إذا خلوت قرأت القرآن مقام أقرأ القرآن إذا خلوت ولا أقرأ إذا لم أخل لما عرفت أن حالة التقديم هو أن ترى سامعك يعتقد وقوع فعل وهو مصيب في ذلك لكنه مخطئ في الفاعل أو المفعول أو غير ذلك من مقيدات الفعل وأنت تقصد رده على الصواب فإذا نفيت من كان اعتقده من الفاعل أو المفعول استدعى المقام غير ذلك فيجتمع لذلك نفيك للنفي مع الإثبات لمن سواه، وإذا أثبت غير من كان اعتقده استدعى المقام نفى من اعتقده لكونه خطأ فيجتمع إثباتك للمثبت مع النفي للمنفى ويفيد التقديم في جميع ذلك وراء ما سمعت نوع اهتمام بشأن المقدم فعلى المؤمن في نحو بسم الله إذا أراد تقدير الفعل معه أن يؤخر الفعل على نحو بسم الله أقرأ أو أكتب وكأني بك تقول فما بال " اقرأ باسم ربك " مقدم الفعل على المفعول وأن كلام الله أحق برعاية ما يجب رعايته، فالوجه فيه عندي