وفي معنى قوله " وبالآخرة هم يوقنون " نذهب على أنه تعريض بأن الآخرة التي عليها أهل الكتاب فيما يقولون أنها لا يدخل الجنة فيها من كان هودا أو نصارى وأنها لا تمسهم النار فيها إلا أياما معدودات وأن أهل الجنة فيها لا يتلذذون في الجنة إلا بالنسيم والأرواح العبقة والسماع اللذيذ ليست بالآخرة وإيقانهم بمثلها ليس من الإيقان بالتي هي الآخرة عند الله في شيء وستعرف التعريض إن شاء الله تعالى في علم البيان، وفي قوله تعالى " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " يقولون أخرت صلة الشهادة أولا وقدمت ثانيا لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم وفي الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهم وفي قوله تعالى " لعلى الله تحشرون " يقولون إليه على غيره وتراهم في قوله تعالى " وأرسلناك للناس رسولا " يحملون تعريف الناس على الاستغراق ويقولون المعنى لجميع الناس رسولا وهم العرب والعجم لا للعرب وحدهم دون أن يحملوه على تعريف العهد أو تعريف الجنس لئلا يلزم من الأول اختصاصه ببعض الأنس لوقوعه في مقابلة كلهم ومن الثاني اختصاصه بالأنس دون الجن ولإفادة التقديم عندهم التخصيص تراهم يفرعون على التقديم ما يفرعون على نفس التخصيص فكما إذا قيل ما ضربت أكبر أخويك فيذهبون على أنه ينبغي أن يكون ضاربا للأصغر بدليل الخطاب يذهبون أيضا إذا قيل ما ضربت على أنه ينبغي أن يكون ضاربا لإنسان سواه ولذلك يمتنعون أن يقال ما ضربت ولا أحدا من الناس