روى البخاري في تاريخه، وأبو يعلى، وصححه الحاكم، عن عائشة قالت: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعقد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل، سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر، "استكرهتم" بسين التأكيد، لا الطلب، أي: أكرهتم "رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج". زاد في رواية: وقلتم له ما قلتم، والوحي ينزل عليه من السماء، "فردوا الأمر إليه" لأنه أعلم منكم بما فيه المصلحة ولا ينطق عن الهوى، ولا يفعل إلا بأمر الله، "فخرج" عطف على مقدر، أي: وانتظروه فخرج "صلى الله عليه وسلم، وقد لبس لامته وهي بالهمز، وقد يترك تخفيفا" وجمعها لام، كتمرة وتمر، ويجمع أيضا على لؤم بوزن نغر، على غير قياس؛ لأنه جمع لؤمة، قاله الجوهري، أي: بضم اللام. "الدرع" وقيل: السلاح ولامة الحرب أداته، كما في الصحاح. وروى أبو يعلى والبزار بسند حسن، عن سعد وطلحة: أنه ظاهر بين درعين يوم أحد، قال البرهان: بالظاء المعجمة، أي: لبس درعا فوق درع، وقيل: طارق بينهما، أي: جعل ظهر إحداهما لظهر الأخرى، وقيل: عاون والظهير العوين، أي: قوي إحدى الدرعين بالأخرى في التوقي، ومنه تظاهرون ولم يظاهر بين درعين إلا في أحد وفي حنين. ذكر مغلطاي أنه ظاهر فيها بين درعين. وفي سيرة عبد الغني روى عن محمد بن مسلمة، رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعين درعه ذات الفضول، ودرعه فضة، ورأيت عليه يوم نين درعين، درعه ذات الفضول، والسعدية، وكان سيفه ذو الفقار، تقلده يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، انتهى. "وتقلد سيفه" أي: جعل علاقته على كتفه الأيمن وهو تحت إبطه الأيسر. وعند ابن سعد: أظهر الدرع وخرم وسطها بمنطقة من أدم، من حمائل سيفه، وتقلد السيف ألقى الترس في ظهره. وقول ابن تيمية: لم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم شد على وسطه منطقة، يرد برواية ابن سعد فإنه ثقة حافظ، وقد أثبته وأقره عليه اليعمري، فهو حجة على من نفاه، لا سيما وإنما نفى أنه بلغه ولم يطلق النفي، "فندموا جميعا على ما صنعوا" الطالبون للخروج على فعله، ومن لم