للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلى عليه الصلاة والسلام بالناس الجمعة، ثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم، ففرح الناس بذلك.

ثم صلى بالناس العصر وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي، ثم دخل عليه الصلاة والسلام بيته ومعه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فعمماه وألبساه.

وصف الناس ينتظرون خروجه عليه الصلاة والسلام، فقال لهم سعد بن معاذ


لا أسد منه، وقد وافقه عليه أكابر المهاجرين والأنصار وابن أبي، وإن كان منافقا، لكنه من الكبار المجربين للأمور، ولذا أحضره عليه السلام واستشاره إلى رأي هؤلاء الأحداث، قلت: لأنه صلى الله عليه وسلم مأمور بالجهاد خصوصا، وقد فاجأهم العدو، فلما رأى تصميم أولئك على الخروج، لا سيما وقد وافقهم بعض الأكابر من المهاجرين، كحمزة والأنصار، كابن عبادة، ترجح عنده موافقة رأيهم، وإن كرهه ابتداء ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وهذا ظهر لي ولم أره لأحد. "فصلى عليه الصلاة والسلام بالناس الجمعة، ثم وعظهم وأمرهم بالجد" بكسر الجيم، وشد الدال، ضد الهزل "والاجتهاد" في التأهب للقتال وإعداد الجيش، "وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا" مدة صبرهم على أمره، بأن لا يبرحو من مكانهم، فلما تأولوا وفارقوه، استشهدوا ليتخذ الله منهم شهداء، "وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم، ففرح الناس بذلك" لأنهم لا غرض لهم في الدنيا وزهرتها لما وقر في قلوبهم، وارتاحت له نفوسهم من حب لقاء الله، والمسارعة إلى جنات النعيم.
وعند ابن إسحاق: وقد مات ذلك اليوم مالك بن عمرو النجاري، فصلى عليه صلى الله عليه وسلم ويقال: بل هو محرر بمهملات، قال الأمير: بوزن محمد، وقال الدارقطني: آخره زاي معجمة، بوزن مقبل ابن عامر النجاري "ثم صلى بالناس العصر وقد حشدوا" بفتح المعجمة، ومضارعة بكسرها، أي: اجتمعوا، "وحضر أهل العوالي" جمع عالية، وهي القرى التي حل المدينة من جهة نجد على أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها وأبعدها ثمانية، وما دون ذلك من جهة تهامة، فالسافلة كما في النور، "ثم دخل عليه الصلاة والسلام بيته" الذي فيه عائشة، كما عند الواقدي وغيره، "ومعه صاحباه" دنيا وبرزخا وموقفا وحوضا وجنة، "أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فعمماه وألبساه".
قال شيخنا: الظاهر أن المراد عاوناه في لبس عمامته, ثيابه والتقليد بسيفه، غير ذلك مما تعاطاه عند إراد الخروج، "وصف" لازم بمعن اصطف "الناس" مرفوع فاعل، كما في النور ما بين حجرته إلى منبره، "ينتظرون خروجه عليه الصلاة وا لسلام، فقال لهم سعد بن معاذ" سيد

<<  <  ج: ص:  >  >>