للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عليه الصلاة والسلام كلما مر على دار من دور الأنصار يدعوه إلى المقام عندهم: يا رسول الله، هلم إلى القوة والمنعة، فيقول: خلوا سبيله -يعني ناقته- فإنها مأمورة. وقد أرخى زمامها، وما يحركها، وهي تنظر يمينا وشمالا، حتى إذا أتت دار ابن مالك بن النجار، بركت على باب المسجد، وهو يومئذ مربد


"وكان عليه الصلاة والسلام كلما مر على دار من دور الأنصار يدعونه إلى المقام" بضم الميم، أي: الإقامة، "عندهم" بقولهم: "يا رسول الله! هلم إلى القوة والمنعة" العز والجماعة الذي يمنعونك ويحمونك بحيث لا يقدر عليك، من استعمال المشترك في معنييه، فالمنعة بفتحتين: مشترك بين العز والجماعة الذين يحمونك وإن سكنت النون فبمعنى العز فقط، قال الحافظ: وسمي ممن سأله الزول عندهم: عنبان بن مالك في بني سالم، وفروة بن عمرو في بني بياضة، والمنذر بن عمرو وسعد بن عبادة وغيرهما في بني ساعدة، وأبو سليط وغيره في بني عدي. "فيقول:" لكل منهم: "خلو سبيلها"، يعني ناقته" القصواء أو الجدعاء، وفي إنهما ثنتان أو واحدة لها لقبان خلاف، وفي الألفية: عضباء جدعاء هما القصواء، لكن روى البزار عن أنس: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم على العضباء وليست الجدعاء. قال السهيلي: فهذا من قول أنس أنها غير الجدعاء، وهو الصحيح، "فإنها مأمورة" قال ابن المنير: الحكمة البالغة في إحالة الأمر على الناقة أن يكون تخصيصه عليه السلام لمن خصه الله بنزوله عند آية معجزة تطيب بها النفوس، وتذهب معها المنافسة، ولا يحيك ذلك في صدر أحد منهم شيئا. "وقد أرخى زمامها وما يحركها وهي تنظر يمينا وشمالا حتى إذا أتت دار ابن مالك بن النجار بركت" بفتح الراء "على باب المسجد" كذا عند ابن إسحاق، ولابن عائذ وسعيد بن منصور مرسلا: عند موضع المنبر من المسجد. وفي الصحيح عن عائشة: عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو فيه يومئذ رجال من المسلمين.
وفي حديث البراء عن ابن بكر: فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه، فقال: "إني أنزل على أخوال عبد المطلب"، أكرمهم بذلك. وقد قيل: يشبه أن يكون هذا أول قدومه من مكة قبل نزوله قباء لا في قدومه باطن المدينة، فلا يخالف قوله: "إنها مأمورة". "وهو يومئذ مربد" بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحدة: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. وقال الأصمعي: المربد كل شيء حبست فيه الإبل أو الغنم، وبه سمي مربد البصرة؛ لأنه كان موضع سوق الإبل، قاله الحافظ. وفي النور: أصله من ربد بالمكان إذا أقام فيه، وربده: حبسه، والمربد أيضا الذي يجعل فيه التمر لينشف كالبيدر للحنطة، انتهى. والمراد هنا التمر. ففي البخاري عن عائشة: وكان مربدا للتمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>