للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان أبو بكر معروفا لأهل المدينة لأنه مر عليهم في سفره للتجارة، وكان صلى الله عليه وسلم لم يشب، وكان صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر. وفي حديث: لم يكن في الذين هاجروا أشمط غير أبي بكر.


ما نقله من رواية الطبراني.
وبين المصنف سبب قول أنس: يعرف ولا يعرف، فقال: "وإنما كان أبو بكر معروفا لأهل المدينة لأنه مر عليهم في سفره للتجارة" إلى الشام مرور تردد ومخالطة حتى عرفوه لا مجرد السير؛ إذ لا يستدعي المعرفة. وفي الفتح: لأنه كان يمر على المدينة في سفر التجارة بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم في الأمرين، فإنه كان بعيد العهد بالسفر من مكة، أي: لأنه سافر مع عمه وهو صغير، كما مر.
"وكان صلى الله عليه وسلم لم يشب" حينئذ ثم شاب بعض شعرات في راسه ولحيته، كما يأتي في شمائله، "و" إلا ففي نفس الأمر، "كان صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر" فإنه استكمل بمدة خلافته سن المصطفى، على الصحيح خلاف ما يتوهم من قوله شاب وأبو بكر شيخ. وقد ذكر أبو عمر من رواية حبيب بن الشهيد عن ميمون مهران عن يزيد بن الأصم: أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "أيما أسن أنا أو أنت"؟ قال: أنت أكرم يا رسول الله مني وأكبر، وأنا أسن منك، قال أبو عمر: هذا مرسل، ولا أظنه إلا وهما. قال الحافظ: وهو كما ظن وإنما يعرف هذا الناس. وأما أبو بكر ففي مسلم عن معاوية أنه عاش ثلاثا وستين سنة، وعاش بعد المصطفى سنتين وأشهرا، فيلزم على الصحيح في سنة صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر أصغر منه بأكثر من سنتين، انتهى. ولا يرد عليه قول أنس شيخ؛ لأنه من جاوز الأربعين كان في المصباح.
"وفي حديث أنس" عند البخاري "لم يكن في الذين هاجروا أشمط" بفتح الهمزة والميم بينهما معجمة ساكنة ثم طاء مهملة، أي: خالط سواد شعره بياضه، "غير أبي بكر" فغلفها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها غلف، بفتح الغين المعجمة واللام الثقيلة، كما قال عياض: إنه الرواية وبالفاء قال الحافظ: أي خضبها، والمراد اللحية وإن يقع لها ذكر حتى قنأ بفتح القاف والنون والهمزة، أي: اشتدت حمرتها. ا. هـ. أي: حتى ضربت إلى السواد وإطلاق الشمط على شيب غير الرأس نقله في المغرب عن الليث وخصه غيره بشيب الرأس، والحديث شاهد للأول. والكتم فتح الكاف والمثناة الخفيفة، وحكي تثقيلها: ورق يخضب به كالآس ينبت في أصغر الصخور فيتدلى حيطانا لطافا ومجتناه صعب، ولذا قال. وقيل: إنه يخلط بالوسمة، وقيل: إنه الوسمة، وقيل: هو النيل، وقيل: حناء قريش وصبغه أصفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>