"و" اختلف في قدر إقامته في قباء، فذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن مجمع بن جارية: أنه "أقام عليه السلام بقباء في بني عمرو بن عوف اثنتين وعشرين ليلة" وحكاه الزبير بن بكر عن قوم بن بني عمرو. "وفي صحيح مسلم" لا وجه لاقتصار عليه بل والبخاري كلاهما عن أنس، "أقام فيهم أربع عشرة ليلة" وبه يفسر قول عائشة: بضع عشرة ليلة، "ويقال: أنه أقام يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس"، قاله ابن إسحاق، وجزم به ابن حبان. قال اليعمري: وهو المشهور عند أصحاب المغازي، قيل: أقام ثلاثا فقط، رواه ابن عائذ عن ابن عباس وابن عقبة عن الزهري، وقال إسحاق: أقام فيهم خمسا وبنو عمرو بن عوف يزعمون أكثر من ذلك. قال الحافظ: أنس ليس من بني عمرو فإنهم من الأوس وأنس من الخزرج، وقد جزم بما ذكر فهو أولى بالقبول من غيره انتهى. لا سيما مع صحة الطريق إليه لاتفاق الشيخين عليه، وفي ذخائر العقبى: أقام ليلة أو ليلتين. "وأسس" -صلى الله عليه وسلم- "مسجد قباء" وصلى فيه، روى ابن زبالة: أنه كان لكلثوم بن الهدم مربد فأخذه -صلى الله عليه وسلم- فأسسه وبناه مسجدا. وأخرج عبد الرزاق والبخاري عن عروة وابن عائد عن ابن عباس: الذي بنى فيهم المسجد الذي أسس على التقوى هم بنو عمرو بن عوف. وروى يونس في زيادات المغازي عن الحكم بن عتيبة: لما نزل -صلى الله عليه وسلم- قباء، قال عمار بن ياسر: ما لرسول الله بد من أن نجعل له مكانا يستظل فيه ذا استيقظ، ويصلي فيه، فجمع حجارة فبنى مسجد قباء، فهو أول مسجد بني، يعني في الإسلام. وروى ابن أبي شيبة عن جابر، قال: لقد لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسنتين نعمر المساجد ونقيم الصلاة، ولذا أقبل المتقدمون في الهجرة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنصار بقباء قد بنوا مسجدا يصلون فيه، فلما هاجر -صلى الله عليه وسلم- وورد بقباء صلى فيه إلى بيت المقدس ولم يحدث فيه شيئا، وجمع بينها بما حاصله: أنه لم يحدث فيه شيئا في أول بنائه لكن لما قدم وصلى فيه غير بناءه وقدم القبلة موضعها اليوم، كما في حديث عند ابن أبي شيبة أيضا. "الذي أسس على التقوى على الصحيح" في تفسير الآية، وهو ظاهرها وقول الجمهور،