للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقّ يتجلّى له على قدر مقامه، فلمَّا رآني تجلَّى له على قدر ما رأى، فلم يطق فمات.

واصطلاح أهل الطريق في التجلي معروف، وحاصله: رتبة من المعرفة جلية علية, ولم يكونوا يعنون بالتجلي رؤية البصر التي قيل فيها لموسى -عليه الصلاة والسلام, على خصوصيته {لَنْ تَرَانِي} والتي قيل فيها على العموم لا تدركه الأبصار, وإذا فهمت أنَّ مرادهم الذي أثبتوه غير المعنى الذي حصل منه الناس على اليأس في الدنيا، ووعد به الخواص في الآخرة، فلا ضير بعد ذلك عليك, ولا طريق لسوء الظن بالقوم إليك، والله متولي السرائر. انتهى.

وإذا علمت هذا, فاعلم أن السماع في طريق القوم معروف، وفي الجواذب إلى المحبة معدود موصوف، وقد نقل إباحته أبو طالب في "القوت" عن جماعة من الصحابة؛ كعبد الله بن جعفر، وابن الزبير، والمغيرة بن شعبة ومعاوية، وكذا عن


على قدر مقامه، فلما رآني تجلّى له على قدر ما رأى" لم يقل: على قدري تأدبًا، وخوفًا من رؤية نفسه فوق غيره, "فلم يطق فمات" فلا عجب "واصطلاح أهل الطريق" كما قال العلامة ابن المنير "في التجلي معروف, وحاصله رتبة من المعرفة جلية ظاهرة عليّة عالية القدر، وحالة بين النوم واليقظة سوية، والإيمان يزيد وينقص, كذا في كلام ابن المنبر, "ولم يكونوا" لفظ ابن المنبر، ولا تظنهم "يعنون بالتجلي رؤية البصر التي قيل فيها لموسى -عليه الصلاة والسلام- على خصوصيته: {لَنْ تَرَانِي} ، والتي قيل فيها على العموم: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ، وإذا فهمت أن مرادم الذي أثبتوه غير المعنى الذي حصل منه الناس على اليأس في الدنيا" إلّا نبينا -صلى الله عليه وسلم- على الأصح، كما مَرَّ في المعراج, "ووعد به الخواص في الآخرة" أي: المؤمنون "فلا ضير بعد ذلك عليك، ولا طريق لسوء الظن بالقوم إليك، والله متولي السرائر أ. هـ".
قال السبكي: وكلام ابن المنبر هذا يقرب من قول شيخه العز بن عبد السلام في قواعده التجلي، والمشاهدة عبارة عن العلم والعرفان, والقوم لا يقتصرون في تفسير التجلي على العلم، ولا يعنون به الرؤية، ثم لا يفصحون بما يعنون, بل يلوحون تلويحًا، ولم يفصح القشيري بتفسيره، ولعله خاف على فهم من ليس من أهل الطريق "وإذا علمت هذا، فاعلم أن السماع في طريق القوم معروف، وفي الجواذب إلى المحبة معدود موصوف، وقد نقل إباحته أبو طالب" المكي "في القوت", أي: كتابه المسمَّى قوت القلوب "عن جماعة من الصحابة كعبد الله بن جعفر" الهاشمي "وابن الزبير" الأسدي "والمغيرة بن شعبة" الثقفي "ومعاوية"

<<  <  ج: ص:  >  >>