وقد قال بعضهم: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا. فتماسك قوة السلف عند واردات الأحوال هو الذي فرَّق بينهم وبين مَنْ قبلهم. ألا ترى أن داود وسليمان -عليهما الصلاة والسلام, وهما أصحاب المزامير, لم يتَّفق لهما الموت كما اتفق لمن مات، وما ذلك من تقصيرهما في الخوف والشوق، ولكن من القوة الربانية التي أمدَّهما بها. ولا خلاف أن داود -عليه الصلاة السلام- وإن لم يمت من الذكر أفضل ممن مات من أمته، وأمَّا نوحه على كونه لم يمت فذلك من التواضع الذي يزيده شوقًا، لا من التقصير عن آحاد أمته، بل لارتفاعه عنهم درجات وزلفى، وإلى هذه القوة الإلهية أشار أبو بكر الصديق -رضي الله عنه, وقد رأي إنسانًا يبكي من الموعظة فقال: هكذا كنّا حتى قست القلوب. عَبَّر عن القوة بالقسوة تواضعًا، ومرتبته بحمد الله محفوظة ومنزلته مرفوعة.
علي بن أبي طالب على ما في المسايرة لابن الهمام وغيرها، أو عامر بن قيس التابعي على ما في الرسالة القشيرية، وقد يكون على أوَّل من قالها، وعامر تمثَّل بها, "لو كشف الغطاء" عن أحوال الآخرة, والحشر والنشر, والوقوف بين يدي الله تعالى، وغيرها "ما ازددت" فيها "يقينًا" ليقيني بها، فعبَّر عن حالته التي هو عليها من غلبة أحوال الآخرة على قلبه باليقين، فأخبر أنه لو عاين ذلك ما ازداد يقينًا لتحققه له، قاله الأنصاري شيخ الإسلام، وقال غيره: لأنه حصل عنده من البراهين القطعية على حقيقة التوحيد ومتعلقاته، والإيمان وصدق الرسل، فيما جاءوا به ما لا يزيد اليقين فيه عند رؤيته ذلك عيانًا,"فتماسك قوة السلف عند واردات الأحوال هو الذي فرّق بينهم وبين من قبلهم، ألا ترى أن داود وسليمان -عليهما الصلاة والسلام, وهما أصحاب المزامير" إنما صاحبها داود، كما مَرَّ, فلعلَّ نسبتها لسليمان أيضًا؛ لأنه كان يسمعها من أبيه ولم يتغير حاله "لم يتَّفق لهما الموت كما اتفق لمن مات، وما ذلك من تقصيرهما في الخوف والشوق، ولكن من القوة الربانية التي أمدهما" الله تعالى "بها، ولا خلاف أن داود -عليه الصلاة والسلام، وإن لم يمت من الذكر أفضل، ممن مات من أمته"؛ إذ محال أن يبلغ ولي رتبة نبي, وأما نوحه على كونه لم يمت, فذلك من التواضع الذي يزيده شوقًا، لا من التقصير عن آحاد أمته، بل لارتفاعه عنهم درجات وزلفى، قربى "وإلى هذه القوة الإلهية أشار أبو بكر الصديق -رضي الله عنه، وقد رأى إنسانًا يبكى من الموعظة، فقال: هكذا كنَّا حتى قست القلوب, عَبَّر عن القوة بالقسوة تواضعًا، ومرتبته بحمد الله محفوظة، ومنزلته مرفوعة" فليست عنده قسوة "والطريق الثاني أن نقول: قد روي ما لا يحصى كثرة عن هذه