للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند المبالغة في التحبير؛ لأنه قد تلا مثلها وما بلغ الحد، فكيف لو بلغ حد استطاعته.

وقد كان داود إذا أراد أن يتكلّم على بني إسرائيل يجوع سبعة أيام لا يأكل ولا يشرب ولا يأتي النساء، ثم يأمر سليمان فينادي في الضواحي والنواحي والآكام والأودية والجبال: إن داود يجلس يوم كذا، ثم يخرج له منبرًا إلى الصحراء، فيجلس عليه، وسليمان قائم على رأسه، فتأتي الإنس والجن والطير والوحش والهوام والعذارى والمخدرات يسمعون الذكر، فيأخذ في الثناء على الله بما هو أهله، فتموت طائفة من المستمعين، ثم يأخذ في النياحة على المذنبين فتموت طائفة، فإذا استجر الموت بالخلق قال له سليمان: يا نبي الله، قد استجر الموت بالناس، وقد مزقت المستمعين كل ممزق، فيخر داود مغشيًّا عليه، فيحمل على سريره إلى بيته، وينادي منادي سليمان: أيها الناس، من كان له مع داود قريب أو


المزامير" في إدخال الحالة الحاصلة للسامع عند سماع المزامير "عند المبالغة في التحبير؛ لأنه قد تلا مثلها" بنصّ المصطفى, "وما بلغ الحد، فكيف لو بلغ حد استطاعته" وقد روى ابن أبي داود بسند صحيح، عن أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته الصنج -بفتح الصاد المهملة، فنون ساكنة، فجيم- آلة من نحاس، كالطبقتين يضرب بأحدهما على الآخر، ويربط بموحدتين بينهما, آخره طاء مهملة- توزن جعفر, فارسي معرب, آلة كالعود والناي -بنون بغير همز- المزمار, "وقد كان داود إذا أراد أن يتكلّم على بني إسرائيل" أي: يعظهم ويذكرهم بأحوال الآخرة, "يجوع سبعة أيام، لا يأكل ولا يشرب، ولا يأتي النساء, ثم يأمر سليمان ابنه فينادي في الضواحي" بضاد معجمة, "والنواحي" عطف تفسير "والآكام، والأودية، والجبال" مَرَّ بيانها في الاستسقاء "أن داود يجلس يوم كذا, ثم يخرج له منبرًا" أي: شيئًا مرتفعًا "إلى الصحراء، فيجلس عليه، وسليمان قائم على رأسه، فتأتي الإنس والجن والطير والوحش والهوام والعذارى جمع عذراء، أي: الأبكار, "والمخدرات يسمعون الذكر، فيأخذ في الثناء على الله بما هو أهله, فتموت طائفة من المستمعين" شوقًا إليه تعالى, "ثم يأخذ في النياحة على المذنبين, فتموت طائفة" من المذنبين خوفًا منه سبحانه "فإذا استجر الموت بالخلق" أي: انتشر فيهم وكثر "قال له سليمان: يا نبي الله, قد استجر" بفوقية فجيم "الموت بالناس، وقد مزقت المستمعين كل ممزق" أي: فرقتهم تفريقًا تامًّا، فممزق مصدر ميمي, "فيخر داود مغشيًّا عليه, فيحمل على سريره إلى بيته، وينادي سليمان: من كان له مع داود قريب، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>