"و" الرابع: "أيضا بأن حديث ابن عمر أصح منه بلا نزاع؛ لأن حديث عائشة من رواية محمد بن إسحاق" بن يسار "عن عبد الرحمن بن القاسم" بن محمد، عن أبيه، عنها "وابن إسحاق مختلف في الاحتجاج به" أي: بروايته، فمنهم من لم يحتج به وطعن فيه كثير من الأئمة، ومنهم من احتج به بشرط أن يصح بالسماع؛ لأنه مدلس، فهنا لا حجة به اتفاقا "و" ذلك أنه "لم يصرح به بالسماع، بل عنعنه" أي: الحديث، فقال عن عبد الرحمن بن القاسم: "فلا يقدم على حديث عبد الله بن عمر" لأن رواته ثقات حفاظ مشاهير. "انتهى". وقد جمع النووي بين الحديثين أي: حديث جابر وابن عمر باحتمال أنه صلى الظهر بمكة أول الوقت، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك، فيكون متنفلا بالظهر الثانية التي بمنى، كذا قال بناء على مذهبه من صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، ثم ذكر أنه طاف قبل الزوال، قال: وما ورد عن عائشة وغيرها أنه أخر الزيارة إلى الليل فمحمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لطواف الإفاضة، قال: ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث. وتعقبه الولي بأن ظاهر حديث أبي داود، عنها: أفاض من آخر يومه حين صلى الظهر أنه طاف بعد صلاة الظهر، أي: حين فرغمنها لا حين شرع فيها، إذ لا يجمع بين الصلاة والطواف في زمن واحد. "ثم رجع -صلى الله عليه وسلم- إلى منى فمكث" بفتح الكاف وضمها "بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة" أي: جنسها، إذ المراد الثلاث جمرات كما صرح به بعد "إذا زالت الشمس" فورا، زاد ابن ماجه: قدر ما إذا فرغ رميه صلى الظهر. قال الولي: فذكر مكثه الليالي ورميه الجمرة بالنهار، فكان ينبغي أن يقول ليالي أيام