للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس، فتقدم جبريل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الصبح.

ثم أتاه جبريل في اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه، فصنع كما صنع بالأمس، فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان الظل مثلي شخصه فصنع كما


ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر" في أول وقته، "ثم أتاه حين وجبت الشمس" أي: غابت، وأصل الوجوب السقوط، والمراد سقوط قرص الشمس، وفاعل وجبت هنا مذكور، وهو الشمس، وسقط في رواية البخاري عن جابر: "كان صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت" الحديث، فقال الحافظ: فاعل وجبت مستتر وهو الشمس، ولأبي داود: والمغرب إذا غربت الشمس، ولأبي عوانة: والمغرب حين تجب الشمس، أي تسقط، وفيه أن سقوط قرصها يدخل به المغرب، ومحله ما إذا لم يحل بين رؤيتها عارية وبين الرائي حائل، "فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى المغرب" لأول وقتها، "ثم أتاه حين غاب الشفق" أي الحمرة التي ترى في أفق المغرب، كما في الموطأ، وعليه أكثر العلماء، وقال أبو حنيفة إنه البياض الذي يليها، وتعقب بأنه مختص في اللغة والاستعمال بالحمرة، لقول أعرابي: وقد رأى ثوبا أحمر كأنه شفق.
وقال المفسرون في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: ١٦] إنه الحمرة، وقال الخليل بن أحمد: رقبت البياض فوجدته يبقى إلى ثلث الليل، وقال غيره: إلى نصفه، فلو رتب الحكم عليه لزم أن لا يدخل وقت العشاء حتى يمضي ثلث الليل أو نصفه ولا قائل به، والأحاديث ناطقة بخلافه "فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى العشاء" أول وقتها، "ثم أتاه حين انشق الفجر", أي: ظهر والشق بالفتح انفراج في الشيء، فوصف الفجر به مجاز من إطلاق اسم المحل على الحال، "فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الصبح" أول وقته، "ثم أتاه جبريل في اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه" لم يقل مثله، لأن الرجل مسماه الماهية، وهي إنما توجد في ضمن الإفراد وليست مرئية ولا ظل لها، والظل إنما هو للصورة الخارجية المعبر عنها بالشخص وهو سواد الإنسان يرى من بعد، ثم استعمل في ذاته، قال الخطابي: ولا يسمى شخصا إلا جسم مؤلف له شخوص وارتفاع، "فصنع كما صنع بالأمس"

<<  <  ج: ص:  >  >>