"اعلم أنه قد صرح جمع من العلماء الحفاظ، بأن المسح على الخفين" وهو خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه، بالإجماع كما في الفتح "متواتر" أي نقله جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب بلا قيد عدد على الأصح. "وجمع بعضهم: رواته، فجاوزوا الثمانين" بيان لتواتره "منهم العشرة" المبشرة بالجنة، وروى ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن البصري: حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين، ونقل ابن المنذر عن ابن المبارك، قال ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف، لأن كل من روى عنه منهم إنكاره، فقد روى عنه إثباته. "وقال ابن عبد البر: لا أعلم أنه قد روي عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك" في رواية أنكرها أكثر أصحابه، "مع أن الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته، وموطؤه يشهد للمسح في الحضر والسفر، وعليها جميع أصحابه وجميع أهل السنة، هذا بقية كلام ابن عبد البر. "وقد أشار الشافعي في الأم إلى إنكار ذلك على المالكية" الذين نقلوا إنكاره عن مالك لأن الشافعي من أصحابه، وقد قال أبو عمر: أنكرها أكثر الصحابة، وقال الباجي: رواية الإنكار وقعت في العتبية، وظاهرها المنع، وإنما معناها أن الغسل أفضل منه. قال ابن وهب: آخر ما فارقت مالكا على المسح في الحضر والسفر، وقال نحوه ابن نافع، وأن مالكا إنما كان يتوقف فيه في خاصة نفسه مع افتائه بالجواز، وهذا مثل ما صح عن أبي أيوب الصحابي "والمعروف المستقر عندهم" أي المالكية "الآن قولان: الجواز مطلقا" للحاضر والمسافر وهو المشهور، "وثانيهما للمسافر دون المقيم، وهذا الثاني مقتضى ما في المدونة، وبه جزم ابن الحاجب" وهو ضعيف، والمشهور الإطلاق، وصرح الباجي بأنه الأصح، وقال: قال أصبغ: المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر أصحابه أثبت عندنا من أن نتبع مالكا على خلافه، يعني في هذه الرواية. انتهى. وقد حكى الإجماع على جوازه إلا أن قوما ابتدعوا كالخوارج، فقالوا: لم يرد به القرآن والشيعة، لأن عليا امتنع منه، ورد بأنه لم يثبت عن علي بإسناد موصول يثبت بمثله كما قاله البيهقي. وقال الكرخي من الحنفية: أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين "وقال ابن