قال الحافظ: فإذا لم يسمع من عمر، فكيف يدرك العصر النبوي، وحديثه في الصحيحين والنسائي "عن حمران" بضم المهملة ابن أبان مولى عثمان اشتراه زمن أبي بكر الصديق، ثقة من رجال الجميع، مات سنة خمس وسبعين، وقيل: غير ذلك. "عن عثمان ولفظه": "من توضأ مثل هذا الوضوء". وفي" كتاب "الصيام" من البخاري "من رواية معمر" عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن حمران: "من توضأ وضوئي هذا". ولمسلم من طريق زيد بن أسلم عن حمران: "من توضأ مثل وضوئي هذا". "قال" الحافظ: "وعلى هذا، فالتعبير بنحو من تصرف الرواة" أي الرواية بالمعنى، "لأنها" أي لفظة نحو "تطلق على المثلية مجازا" والحامل لهم على ذلك أن المثل ليس هنا عبارة عن المساواة من كل وجه لتعذره، إذ هو كما قال الأبي المساوي لمثله في جميع صفات المثل، ولا يقدر على مثل وضوئه غيره، فلفظ نحو يقتضي المقاربة دون المماثلة من كل وجه، فالثواب يترتب في ذلك على المقاربة لا على المماثلة لتعذرها، وذلك مما تقتضيه الشريعة السمحة من التوسعة وعدم التضييق. انتهى. "ولأن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهر، لكنها تطلق على الغالب" أي تطلق على ما إذا اشترك شيئان في أمر، وكان في أحدهما أكثر، وفي الآخر مستغرقا لجميع أجزائه، فيجوز إطلاق المثل على ما غلب فيه ذلك المعنى وإن لم يساو الآخر، "فبهذا تلتئم الروايتان" أي رواية: نحو, ورواية: مثل, أما رواية: "من توضأ وضوئي"، فلا منافاة بينها وبين واحدة من الروايتين، فلم تظهر نسخة الروايات بالجمع على أن الذي في الفتح الروايتان "بالتثنية"، "ويكون المتروك" مما تحصل به المماثلة "بحيث لا يخل بالمقصود" إذ لو أخل به لم يكن شيئا. "انتهى" كلام الحافظ.