للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه" فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليَّ من نفسي التي بين جنبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر"، فهذه المحبة ليست باعتقاد الأعظمية فقط، فإنها كانت حاصلة لعمر قبل ذلك قطعًا.

وفي رواية فقال صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" قال بعض الزهاد: تقدير الكلام، لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه الهلاك.

وأما وقوف عمر في أول أمره، واستثناؤه نفسه؛ فلأن حب الإنسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام منه حب الاختيار؛ إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جبلت عليه. وعلى هذا


الجنبين، لجرى العادة بسلب الحياة، بسلب ما بينهما وهو القلب، وما يتعلق به من سائر الأعضاء الرئيسة، "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه"، فقال عمر": مؤكدًا بالقسم تحقيقًا لخلوص طويته في قوله: "والذي أنزل عليك الكتاب" أوحى إليك القرآن "لأنت أحب من نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن" عرفت، فنطقت بكمال الإيمان، فهو متعلق بمقدر، وهو مبني على الفتح، وأل فيه لازمه، وهو الزمان الحاضر، وصرح بقوله: "يا عمر" إشارة إلى وصوله لرتبة عليه، تخصه بالنسبة لبض من عداه، أي: لا تكفيك الرتبة الأولى، ولا يليق بعلو همتك الاقتصار عليها، "فهذه المحبة ليست باعتقاد الأعظمية فقط، فإنها كانت حاصلة لعمر قبل ذلك قطعًا"، بدليل قوله أحب إليّ من كل شيء.
"وفي رواية: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "لا" يكمل إيمانك، "والذي نفسي بيده" أي: بقدرته، أو هو من المتشابه المفوض علمه لله، وهو أسلم وأقسم تأكيدًا، وفيه جواز الحلف على الأمر المبهم للتوكيد، وإن لم يكن هناك محلف "حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر".
هذا بقية هذه الرواية في البخاري: "قال بعض الزهاد: تقدير الكلام" في قوله: لا حتى أكون، "لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه الهلاك" بالجهاد أو إماتة النفس، "وأما وقوف عمر في أول أمره واستثناؤه نفسه، فلأن حب الإنسان نفسه طبع" لا يسلم منه إلا من ملك نفسه: جاهدها، "وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب" المؤدية إلى ذلك، "وإنما أراد عليه الصلاة والسلام منه حب الاختيار؛ إذ لا سبيل إلى قلب الطباع"، أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>