"وفي صحيح" محمد "بن خزيمة" المعروف بإمام الأئمة، من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس مرفوعًا: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله" بدل والده وولده. وكذا لمسلم من طريق ابن علية، والإسماعيلي من طريق عبد الوارث بن سعيد، كلاهما عن عبد العزيز، عن أنس، بلفظ: لا يؤمن الرجل، قال الحافظ: وهو أشمل من جهة، وأحدكم أشمل من جهة، وأشمل منهما رواية الأصيلي: لا يؤمن أحد، "وذكر الوالد والولد أدخل في المعنى" أي: أنسب المعنى الذي الكلام فيه، "لأنهما أعز على العاقل من الأهل والمال، بل ربما يكونان أعز من نفسه، ولهذا لم يذكر النفس في حديث أبي هريرة" بل قال: من والده وولده فقط، "وذكر الناس بعد الوالد والولد" في حديث أنس عند الشيخين، كما علم "من عطف العام على الخاص"، وهو كثير، كما في الفتح، فمحبة الوالد محبة إجلال ومحبة الولد رحمة وشفقة، والناس محبة إحسان، وقد ينتهي المحب في المحبة إلى أن يؤثر هوى المحبوب على هوى نفسه فضلا عن ولده، بل يحب أعداء نفسه لمشابهتهم محبوبه قال: أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ صار حظي منك حظي منهم "قال الخطابي: والمراد بالمحبة هنا حب الاختيار"، الذي يقتضي العقل إيثاره وإن خالف الطبع، كمحبة المريض الدواء "لا حب الطبع" الذي لا يدخل تحت اختيار، فإنه لا يؤاخذ به لعدم دخوله تحت استطاعته. "وقال النووي: فيه تلميح إلى قضية النفس الإمارة"، المائلة بطبعها إلى الشهوات، وتهيم بها، وتستعمل القوى والجوارح في أثرها كل الأوقات، "والمطمئنة" بذكر الله، فإن النفس تترقى في الأسباب والمسببات إلى الواجب لذاته، فتستقر دون معرفته، وتستغنى به عن غيره، أو