"وأما أن جعلناه تنبيهًا على سبب الرحيل عن الوادي وعلة لترك الصلاة به" مع أن الأصل في قضاء الفائته بعذر المبادرة بفعلها، وقد أمرهم بالارتحال، "وهو دليل" أي: مدلول، أي: ما يستفاد من "مساق" "بفتح الميم"، مصدر بمعنى سياق، كما في النسيم، أو بمعنى سوق، كما في الأنوار. "حديث زيد بن أسلم" في الموطأ، قال: عرس صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة، ووكل بلالًا أن يوقظهم للصلاة، فرقد بلال، ورقدوا حتى استيقظوا، وقد طلعت عليهم الشمس، فاستيقظ القوم وقد فزعوا، فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال: إن هذا وادٍ به شيطان، فركبوا حتى خرجوا من ذلك الواد، ثم أمرهم أن ينزلوا ويتوضئوا، أمر بلالًا أن يؤذن بالصلاة ألأو فيقيم، فصلى بالناس الحديث. وعلى ما يفيده سيقاه هذا "فلا اعتراض به في هذا الباب" المعقود في أن الشيطان لا تسطل له على الأنبياء "لبيانه" أي: حديث زيد ووضوح دلالته على ما ذكر "وارتفاع إشكاله" أي: زواله أصلًا، حتى استغنى عن الجواب لعدم احتماله ما يخالفه، "قال عياض" بعد هذا بكثير وأما قوله تعالى: {عَبَسَ} كلح وجهه، {وَتَوَلَّى} أعرض عنه {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} الآيات التي أخرها {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} التي استدل بها مجوزوا الصغائر على الأنبياء لما شعر به ظاهرها من وقوع شيء عوتب عليه، "فليس فيها إثبات ذنب له عليه الصلاة والسلام", ولا تجويزه عليه "بل إعلام الله تعالى له" صلى الله عليه وسلم "بأن ذلك المتصدي" اسم مفعول نائبه "له"، أي: أقبل عليه وتوجه له، واصله مقابلة الشيء كما يقابله الصدى، وهو الصوت الراجح إليه من جبل ونحوه، كما قاله الراغب، وفي التعبير به نكتة، وهي أن كلام هؤلاء لا عبرة به، كما قال المتنبئ: أنا الطائر المحكي وغيري هو الصدى "ممن لا يتزكى" أي: لا يسلم، فيطهر من دنس الشرك، أي: باعتبار ما في نفس الأمر أو قرائن الأحوال الدالة على فرط عناده وبعده عن الحق، ويدل للأول قوله: أعلام الله، وقوله: "وأن الصواب والأولى كان لو كشف له